أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 08:10 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • ​هجرة الموارد عن الجنوب.. الواقع والحلول الممكنة

    جسار مكاوي




    تعد مسألة "هجرة الموارد" عن الجنوب إحدى القضايا الملحة التي تؤثر بشكل مباشر على تطور وتنمية المجتمع المحلي في عدن ومناطق الجنوب، ورغم ما تتمتع به عدن من موقع استراتيجي وموارد طبيعية وصناعية واعدة مثل الميناء والأرصفة الآمنة ومصفاة النفط، لا تزال هذه الموارد مهملة ولا تُستغل بالشكل الذي يخدم التنمية ويعود بالنفع على المواطن الجنوبي.

    الموارد الرئيسية للجنوب ومشكلاتها الحالية:
    1 - الميناء والأرصفة الآمنة
    الواقع الحالي: يمتلك الجنوب واحداً من أهم الموانئ البحرية في المنطقة، حيث يقع ميناء عدن على ممر بحري استراتيجي يسهم في ربط الشرق بالغرب، ويمتاز بالأرصفة الآمنة التي يمكن أن تتيح فرصاً تجارية وصناعية واسعة.

    المشكلة: بالرغم من هذا الموقع المتميز، لا يتم استثمار الميناء بالشكل الأمثل، حيث تتراكم المشاكل الإدارية وضعف البنية التحتية، وتدخلات الجهات الخارجية، مما يحد من تحقيق الاستفادة القصوى من هذا المورد المهم.

    2 - مصافي الزيوت وتكرير النفط
    الواقع الحالي: الجنوب يمتلك مصافي قادرة على تكرير النفط وإنتاج المشتقات النفطية، مما يمكنه من تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال، ودعم السوق المحلي بأقل تكلفة.

    المشكلة: المصافي تعاني من إهمال مستمر، وضعف التمويل والدعم اللازم للتشغيل والتحديث، حيث تعتمد في الغالب على التمويل من جهات خارجية تتحكم في إدارة هذه المصافي، مما يعيق تطورها واستمرارها في تلبية احتياجات السوق المحلي.

    3 - الموارد الطبيعية والثروات المعدنية
    الواقع الحالي: الجنوب يحتوي على موارد معدنية غنية مثل الذهب والمعادن الثقيلة، والتي يمكن استغلالها لتكون جزءاً من دعم اقتصاد الجنوب وتعزيز استقلاليته الاقتصادية.

    المشكلة: هذه الموارد تُستغل بشكل جزئي وغالباً من شركات خارجية، دون أن تتحقق الاستفادة للمواطن الجنوبي، إضافة إلى غياب الشفافية في العقود والتعاملات، مما يحرم المجتمع المحلي من التمتع بحقوقه في هذه الثروات.
    أسباب عدم استثمار ودعم الموارد:

    1 - السياسات المركزية
    تميل السياسات المركزية إلى حجب الموارد وتقييد استقلالية المؤسسات الاقتصادية في الجنوب، مما يساهم في حرمان المجتمع الجنوبي من فرص التنمية والانتعاش الاقتصادي.

    2 - التدخلات الخارجية
    تلعب التدخلات الخارجية دوراً سلبياً في التحكم في الموارد، حيث تأتي معظم الاستثمارات مشروطة بتبعية اقتصادية وسياسية للجهات الخارجية، ما يجعل الإدارة المحلية غير قادرة على اتخاذ قرارات مستقلة.

    3 - ضعف البنية التحتية الإدارية
    تشكل البيروقراطية الإدارية وعدم كفاءة الهيئات المحلية عائقاً في إدارة الموارد بشكل فعال، حيث تفتقر إلى الأساليب والقدرات المناسبة لتنفيذ المشاريع الكبرى التي تعود بالنفع على المجتمع.

    4 - غياب الشفافية والمساءلة
    يؤدي غياب الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد إلى تبديد الفرص، حيث تُستغل الموارد غالباً في صفقات غير واضحة، مما يحرم المجتمع الجنوبي من الاستفادة الحقيقية.

    الحلول الممكنة لتعزيز استثمار الموارد في الجنوب:
    1 - تعزيز الإدارة الذاتية وتطوير البنية التحتية
    يجب تمكين الجهات المحلية في الجنوب من التحكم في إدارة الموارد الاقتصادية، وتطوير البنية التحتية اللازمة لتحسين كفاءة القطاعات الصناعية والتجارية، بما في ذلك تحديث الموانئ والمصافي.

    2 - إشراك المجتمع المحلي
    ينبغي تطوير آليات إشراك المجتمع المحلي في اتخاذ القرارات المتعلقة بالموارد الطبيعية، وتوفير مزيد من الشفافية بشأن العقود والاتفاقيات، لضمان استفادة المواطنين والمجتمع من هذه الموارد.

    3 - التوجه نحو الاستقلالية الاقتصادية
    يجب العمل على تحقيق استقلالية اقتصادية في الجنوب عن طريق تأسيس شركات وطنية قادرة على تشغيل الموارد الصناعية والزراعية محلياً دون الاعتماد على التمويل الخارجي، مما يضمن تدفق الأرباح نحو الداخل.

    4 - تحفيز الاستثمارات المحلية ودعم المشاريع الصغيرة
    تشجيع الاستثمارات المحلية الصغيرة والمتوسطة يعتبر خطوة هامة لتحقيق التنمية الاقتصادية، إذ أن دعم هذه المشاريع سيسهم في خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الاقتصاد المحلي.

    5 - إصلاح السياسات المركزية وتفعيل الدور الرقابي
    إصلاح السياسات المركزية والعمل على الحد من التدخلات الخارجية في الجنوب، بالإضافة إلى تفعيل الدور الرقابي والمحاسبي، سيعزز استثمار الموارد ويوفر حماية للمواطنين من الاستغلال غير المشروع.

    إن قضية هجرة الموارد عن الجنوب تتطلب إجراءات فورية وفعالة لضمان تحقيق الاستفادة من الإمكانيات الضخمة التي يمتلكها الجنوب. بالإدارة السليمة، والمساءلة، وبتعزيز الاستقلالية الاقتصادية، يمكن أن تتحول عدن ومناطق الجنوب إلى مناطق اقتصادية نشطة تساهم في توفير فرص العمل، وتحسين مستوى المعيشة، وتعزيز التنمية المستدامة.

المزيد من مقالات (جسار مكاوي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال