أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 03:02 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • "الكلمة شرف ومسؤولية: من كتب لبج… ومن يكتب لجم!

    جسار مكاوي




    كتب المفكر البروفيسور الجهبذ والقامة العلمية والأدبية والفلسفية، الراحل الكبير أبوبكر السقاف، ذات مرة مقاله الشهير: "من كتب لبج؟!"، تلك الصرخة التي أطلقها في زمنٍ كان فيه التضييق على حرية الرأي والتعبير أمرًا مقضيًا إبان حكم منظومة ونظام الجمهورية العربية اليمنية، أثناء الوحدة وبعدها. في تلك اللحظة التاريخية، لم يكن المقال مجرد حروف غاضبة، بل كان موقفًا فكريًا وأخلاقيًا صارخًا في وجه القمع، وتجسيدًا للقول الحر الذي لا يعرف التردد.

    ما أشبه اليوم بالأمس، فشتّان بين من يكتب في عمود صحيفة أو يتصدر مانشيتًا عريضًا، وهو يعي حجم الكلمة ودلالتها، وبين من يهوى لجم الآخرين لمجرد أنهم عبّروا عن رأي، ولو كان مختلفًا. شتان بين من يحمل قلمه ليدافع عن حقٍّ عام أو يسلّط الضوء على مظلمةٍ، وبين من يجعل من الكلمة سيفًا مسمومًا يخوض به في أعراض الناس، متجاوزًا محاذير مهنية يعرفها كل من احترف العمل في بلاط صاحبة الجلالة.

    الصحافة، كما علّمنا الكبار أمثال السقاف، ليست نزهة لمن يبحث عن الأضواء، ولا منصةً للابتزاز أو تصفية الحسابات. وليست وسيلة لتكريس الأنا أو نفخ الذات. الصحافة مسؤولية، والكلمة ميثاق. فليس كل من كتب، نصيرُ قضية، ولا كل من نشر، بالضرورة صاحب موقف.

    لقد آن الأوان أن نعيد تعريف الكتابة بما يليق بها، لا بما يُفرض عليها. فالمقالات لا تُقيم بمقدار الضجيج الذي تثيره، بل بما تحمله من وعي وموقف وشرف.

    إن من كتب لا بد أن يعي أن الكلمة مسؤولية قبل أن تكون سلطة، وأن الحرية لا تعني الفوضى، تمامًا كما أن النقد لا يبرر السقوط الأخلاقي.

المزيد من مقالات (جسار مكاوي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال