> عبد اللطيف المناوي:
عجزت أن أفهم يومًا كيف لجماعة تحمل شعار "الموت" منذ نشأتها أن تنمو وتزدهر! عجزت أن أفهم كيف لتلك الجماعة التي تلقى دعمًا واضحًا بالعين المجردة أحيانًا، وبغض الطرف في أحايين أخرى من قوى دولية غربية - بما فيها أمريكا ذاتها - أن تستكمل مسيرتها لتحقيق أهداف الشعار الذى ترفعه.
فكيف يكون السماح لمثل هذه الجماعة، وهي تحمل تلك التوجهات الواضحة، بالترعرع والتمركز إلى الحد الذى صاروا فيه يسيطرون على إحدى أكثر البوابات التجارية العالمية، كيف سُمح لهم أن يسيطروا على مدخل البحر الأحمر وعلى حركة التجارة في باب المندب بهذا الشكل؟
ولو ادّعَى ساسة الغرب، وهم يملكون ما يدّعون من خبرة وقدرة في فهم وإدارة سياسة العالم، أن تطور الموقف في البحر الأحمر كان مفاجئًا لهم، فإنهم إما جهلة أو كاذبين، قولًا واحدًا.
قد يكون من المناسب استحضار صورة موجزة عن تلك الجماعة، التي ظن كثيرون أنها لا يمكن أن تشكل خطرًا حقيقيًّا إلا في حدود شركائهم في الوطن من اليمنيين الآخرين، ولكنهم تحولوا الآن إلى أحد أكثر مصادر الخطر لاستقرار المنطقة، وأحد أهم التهديدات لأمن وسلامة حركة التجارة في العالم كله.
فالحوثيون هم أصحاب حركة سياسية انطلقت من محافظة «صعدة» شمال اليمن، واكتسبت زخمًا وتأثيرًا في الأوساط اليمنية بسبب خطاب مؤسِّسها، حسين الحوثي، المناوئ للولايات المتحدة الأمريكية وأطماعها فى المنطقة، وكذلك بسبب معارضتها للسياسات السعودية، ويطلق عليها جماعة الحوثي أو الحوثيين نسبة إلى مرشدها الروحي بدرالدين الحوثي، ومؤسسها ابنه حسين الحوثي، غير أن الجماعة تسمى نفسها «أنصار الله».
تحالف الحوثيون مع الوحدات العسكرية الموالية للرئيس اليمنى السابق، على عبدالله صالح، واستولوا في 2014 على ميناء الحديدة على البحر الأحمر، والذى يمثِّل نقطة دخول حيوية للواردات والمساعدات الإنسانية إلى المدن الشمالية من البلاد، لكنهم منذ عام 2015 يسيطرون على إدارة الدولة في اليمن، باعتبارهم إحدى أهم أدوات اللعب الإيرانية في المنطقة.
بعدها، دخلت الجماعة في حرب شرسة مع قوى عربية أعطت لنفسها اسم «التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن»، واستمرت الحرب لمدة 8 سنوات، وتحديدًا حتى شهر إبريل 2023، عندما أكد عضو المكتب السياسي لجماعة أنصار الله الحوثية في اليمن، محمد البخيتي، توصل الحوثيون إلى تفاهم مع السعودية لوقف الحرب اليمنية.
ولكن، لماذا وصلت هذه الجماعة إلى ما أصبحت عليه الآن؟ فلهذا حديث آخر.
* كاتب مصري
"المصري اليوم".
