> علي محمد يحيى

واليوم الرقص الشعبي صار عند بعض من الفئات المؤثرة في مجتمعنا يعني الشيء الكثير من الاستهتار بالقيم والأخلاق والمثل العليا، وصار مفهوم الرقص الشعبي عندهم إنما هو ميوعة وانحلال.
ذلك نتيجة -وللأسف الشديد- أنهم ما زالوا يعيشون بعقلية متخلفة وأفكار سطحية عميقة ترفض مساراً من مسارات التطور الحضاري، وخاصةً في الميادين الفنية، ولكم يشعر الانسان بالألم والحسرة، حينما يرى بعض تلك الفئات تتصورأن الرقص الشعبي إنما هو من الوضاعة، إلا إذا كان برعاً فقط ولا رقص غير البرع، فالبرع رقص الحرب والشجاعة .. ولكم يشعر الإنسان أيضا في بلادنا بنظرة هؤلاء القاصرة نحو هذا الفن وإلى النظرة التي تسيء إليه وإلى العاملين فيه.
أليس من الغريب حقاً أن ينظر إلى هذا الفن اليوم بما فيه من سمو العاطفة وجمال التعبير بأنه عيب في الوقت الذي كنا نراه قبل وحدة اليمن المباركة بأنه قد احتل المرتبة الأولى بين فنوننا، وأعطيناه كل اهتماماتنا ومنحناه التشجيع المادي والمعنوي، فهل كان ذلك بسبب التنافس الثقافي الموجه والمؤقت بين شطرينا لإبراز كل شطر محاسنه التقدمية؟ حتى أولئك الذين اعترفوا به واقتنعوا عن إيمان بدور الرقص الشعبي في المحافظة على التراث من خلال المحافظة على ملامح البيئة القديمة بكل مميزاتها، ربما كانت بفعل ذلك التنافس التشطيري المؤقت، ولم يجدوا الدافع القوي الذي يدفعهم اليوم للاستمرار بإعلان هذا الاعتراف؛ لأنهم لو فعلوا ذلك لأصبحوا عرضة للسخرية.
ومن هنا أصبح فن الرقص الشعبي في بلادنا اليوم مشلولاً لم يعد يستطع النهوض، كما لم يعد يجد من يهتم به أو يعتني به العناية الكافية وهو من تراث آباءنا وأجدادنا الذي نخجل من الاعتراف به وبمكانته ونستحي من ممارسته وهو الذي يعبر عن بعض عاداتنا الحميدة والجميلة ويربط تاريخنا الماضي بالحاضر