> تقرير/ وهيب الحاجب:

  • اختبار حقيقي.. هل سيتم القبض على أمجد خالد وتسليمه لسلطات عدن؟
  • مؤشرات للتوافق على تفكيك الإصلاح ومخاوف من مخطط للتخلص من أمجد خالد
> الاجتماع الأخير للجنة الأمنية العليا برئاسة رئيس مجلس القيادة، د. رشاد العيمي، والذي خُصص لمناقشة الأوضاع الأمنية، أفرز جملة من التطورات اللافتة والمثيرة للتساؤلات، لا سيما فيما يخص الاعتراف الرسمي بخطورة الخلايا الإرهابية المرتبطة بأمجد خالد وتحركاته في مناطق خاضعة لسيطرة الشرعية وعلى رأسها تعز.

وإذا ما تمعنّا في التفاصيل والمضامين الكامنة وراء هذا الاعتراف، فإن المشهد الأمني والسياسي في عدن يُعاد تشكيله على نحو قد يفرز تحولات كبيرة في طبيعة الشراكة ومصداقيتها بل وفي توازنات القوى وجدية مؤسسات الشرعية نفسها في محاربة الإرهاب ونواياها تجاه أمن عدن والجنوب.
  • اعتراف بتصدير الإرهاب
يُعدّ اعتراف اللجنة الأمنية العليا في اجتماع رسمي بتورط خلايا إرهابية تنشط في مناطق تعز، وتحظى بدعم وغطاء من قيادات محسوبة على الشرعية، تحولًا سياسيًا وأمنيًا بالغ الأهمية؛ فلأول مرة تعترف منظومة الشرعية اليمنية، ولو ضمنيًا، أن مناطقها أصبحت بؤرًا لتصدير الإرهاب نحو العاصمة عدن وبقية مناطق الجنوب، وهو ما ظلت القوى الجنوبية، وتحديدًا قوات الحزام الأمني، تؤكد عليه طيلة السنوات الماضية، وسط تجاهل أو صمت مريب من أجهزة الشرعية.

هذا الاعتراف إن لم يكن مناورة مؤقتة قد يكون مقدمة لتحول في مواقف بعض المكونات داخل الشرعية، خاصة مع تصاعد الضغوط الإقليمية والدولية على ضرورة كبح جماح التمدد الحوثي، ومحاصرة الفوضى الأمنية التي تعيق الاستقرار في المناطق المحررة.
  • أين كانت الشرعية؟
الخبر يشير إلى كشف شبكة يقودها أمجد خالد، ثبت تورطها في اغتيالات وعمليات تفجير بينها محاولة اغتيال محافظ عدن عام 2021، لكن هذه الوقائع لم تكن جديدة، فقد أعلنت عنها سابقًا تقارير أمنية جنوبية. ما هو جديد هو تبني الشرعية لهذه الوقائع بعد صمت طويل، رغم أن أمجد خالد كان يتحرك بحرية من تعز إلى مأرب، بل وكان يتمتع بحماية ضمنية في مناطق الشرعية.. إن هذا التناقض يفتح الباب للتساؤل: ما الذي تغيّر؟

هل ضغط التحالف أو أطراف خارجية على رئيس مجلس القيادة لاتخاذ موقف واضح من الإرهاب المتغلغل في جسد الشرعية؟ أم أن هناك تصدعات في علاقة مكونات الشرعية ببعضها، تدفع أطرافًا معينة إلى كشف أوراق شركائها السابقين؟
  • ضربة للإصلاح أم رسائل ابتزاز؟
تسجيلات أمجد خالد التي هدد فيها بكشف صلاته مع حزب الإصلاح (إخوان اليمن) تكشف أبعادًا أكثر تعقيدًا. فالإصلاح يُعدّ مكونًا نافذًا داخل الشرعية، وتوجيه اتهامات له بالتنسيق مع خلية إرهابية تهدد الجنوب يمثل اتهامًا غير مباشر لمؤسسات الشرعية نفسها بأنها إما مخترقة أو متواطئة.. والسؤال المطروح هنا:

هل كان أمجد خالد مدعومًا مباشرة من حزب الإصلاح؟

وإذا ثبت ذلك، فهل هذا الدعم تم بعلم قيادات في الشرعية أم دون علمها؟ وهل الشرعية الآن بصدد التخلص من الورقة المحروقة لأمجد خالد خشية فضح مزيد من الملفات التي قد تطالها مباشرة؟
  • هل ستتحرك الشرعية ضد أمجد خالد؟
الخبر أشار إلى صدور قرارات بملاحقة المطلوبين أمنيًا، لكنه لم يذكر صراحة مصير أمجد خالد، الذي يعرف الجميع موقعه وتحركاته، فهو لا يزال يتنقل في مناطق الشرعية، ما يجعل القبض عليه سهلًا لو توفرت الإرادة السياسية، لكن الخشية الحقيقية هي من سيناريو التصفية الجسدية للرجل، أو تهريبه إلى خارج البلاد، خاصة وأن تهديداته الأخيرة طالت شركاء سياسيين أقوياء.
  • مفترق طرق
إذا ألقت الشرعية القبض عليه وسلمته للعدالة في عدن، فهذا يعني بداية مسار تطهير داخل منظومتها، وبداية تصحيح لمسار الشراكة من جانب الشرعية، وهذا شيء إيجابي قد يُبنى عليه تحالف أمن أو شراكة ضاربة وقوية ضد الإرهاب والتخريب في مناطق الشرعية من عدن إلى تعز ومأرب وليس في عدن وحدها.

أما إذا سُوّيت قضيته "تحت الطاولة" أو جرى التخلص منه جسديًا، فإن الشكوك ستتأكد بأن بعض الأطراف في الشرعية كانت شريكة في تصدير الإرهاب، أو على الأقل متسترة عليه.
  • الكرة في ملعب الشرعية
وجود أمجد خالد وتحركه بحرية في مناطق تحت سيطرة الحكومة الشرعية يمثل فضيحة أمنية، والآن، بعد أن ثبت بالدليل القاطع تورطه في عمليات إرهابية واعترفت الشرعية، لم يعد هناك مبرر للتلكؤ. وإذا لم تتحرك الشرعية لاعتقاله وتقديمه لمحاكمة عادلة في عدن، فإن الاتهامات بالتواطؤ لن تكون سوى مزاعم جنوبية، بل حقائق دامغة.

الشرعية اليوم أمام اختبار شفافيتها، وحرصها على الأمن في عدن، التي تدعي أنها عاصمتها المؤقتة، وفي كل مناطق سيطرتها بتعز ومأرب، وإن فشلت فيه فإن الثقة المتآكلة أصلاً بين الجنوب والشرعية ستتلاشى تمامًا.
  • صراع على النفوذ
قد تكون هذه التطورات جزءًا من صراع أجنحة داخل الشرعية يهدف لإضعاف حزب الإصلاح عبر كشف ارتباطه بالإرهاب، خصوصًا مع انفتاح مجلس القيادة مؤخرًا على قوى جنوبية غير منخرطة في الشرعية التقليدية. كذلك التوقيت السياسي لهذا الاعتراف قد يكون مرتبطًا بضغوط من السعودية والإمارات لترتيب البيت الأمني في المحافظات المحررة، وتفكيك الشبكات التي تعيق جهود مكافحة الإرهاب والتصدي للحوثيين.

هناك أيضا قراءة أخرى تشير إلى أن تصعيد خطاب مواجهة الإرهاب في مناطق محسوبة على حزب الإصلاح قد يكون مقدمة لعزل هذا الحزب تدريجيًا من مفاصل القرار، وتحجيم دوره لصالح مكونات أكثر قبولًا إقليميًا ومحليًا.

الاعتراف بخطورة أمجد خالد وخلاياه الإرهابية خطوة إيجابية وإن جاءت متأخرة من الشرعية، لكنها لا تكتمل إلا بالفعل، وفي أقل تقدير القبض على المتورطين، وعلى رأسهم أمجد خالد، وتقديمه للمحاكمة علنًا في عدن.. وفي المقابل فإن أي تهاون أو تلاعب في هذه المرحلة سيفضح الشرعية أكثر مما يبرئها.. وعليه فإن مستقبل الثقة بين الجنوب والشرعية، بل ومصداقية الشرعية ككل، مرهون بما ستقوم به خلال الأيام القليلة القادمة.