> صلاح القعشمي :

سيارة يقوم صاحبها بصب البنزين في خزانها وحراثة تنتظر دورها أمام أحد المحال التجارية بالحد
وفي إحدى الجلسات بمنطقة أخرى حاولت أن أطرق باب الحديث عن الاستثمار على الحضور، لماذا لم يتم إقامة أي مشروع استثماري في المنطقة، فربما سيعمل بدوره على تخفيف جزء من المعاناة، فقالوا: نحن نريد هذا فعلاً، ولكن هناك عرقلة، وعدم اهتمام من الدولة، وطرحوا مثالاً لأحد المستثمرين، كان يريد أن يقيم مشروعا استثماريا، ولكن واجهته عراقيل وصعوبات حالت دون تنفيذه لذلك المشروع، ومستثمر آخر كان يريد إنشاء محطة للوقود، وقد قام بتحديد الموقع واستورد الخزانات المطلوبة وثبتها في الموقع، إلا أن ظروفاً خاصة أعاقته عن استكمالها، وعلى الرغم من حاجة المنطقة لها إلا أن هناك أخباراً تفيد أن ذلك الشخص بصدد بيعها، فقلنا: لا بد من إنشاء محطة للوقود، فهي في أمس الحاجة إليها.
«الأيام» عملت على إكمال جوانب الحديث، ونقل الصورة من الواقع، فأجرت عدداً من اللقاءات تحدث أصحابها خلالها عن هذا الهم اليومي.. فهاكم حصيلة اللقاءات التي أجريناها كما هي.

محطة وقود متوقفة وغير مؤهلة
- معك حق يا فضل، ولكن قل لنا من فين با يجيبوه؟
كافة المواطنين سواء الأهالي أو أصحاب السيارات أو الحراثاث، يتمونون بالوقود من محطة بني بكر أو محافظة البيضاء أو لبعوس، ويواجهون صعوبات كبيره جراء ذلك.
- وماذا عن المحطات التي معكم في الحد .. هل هي شغالة أم متوقفة؟
يا عزيزي هذه المحطات أصبحت في عداد الموتى، فهي غير مؤهلة نهائياً، وقد أغلقوها من فترة طويلة، مثل محطة الفيض، قطنان، المحاجي أو الحصن. تصور أن هذه المنطقة تتوسط القرى كونها تقع بين منطقتي ريو والمحاجي وتجاورها قرى كثيرة ، فلو عملوا لنا هنا محطة ستحل الأزمة، وتسهل لنا الأمور، حيث أن محطة بني بكر لا تكفي لكل شيء مقارنة مع الكثافة السكانية.
يعني أنت متفق معنا في حاجة المنطقة إلى محطة وقود، والكهرباء ليس عندها قصور في هذا الجانب؟
- نعم أنا معك يا عزيزي، عموماً نأمل من الدولة أن تسمع وتتجاوب معنا في وضع معالجات سريعة لهذه المعاناة.
الصورة أبلغ من الحديث
تابعت سيري وأنا أترقب هنا وهناك لعلي أجد ما يستحق الإشارة إليه دون وصاية من أحد، وإذا بسيارة تتوقف بجانب أحد المحال التجارية، فنزل سائقها وتحدث إلى صاحب المحل، فإذا به يتأبط (دبة بلا ستيكية) وفتح غطاء خزان وقود سيارته، وصب فيه البترول ، فأسرعت إليه وأستأذنت في التقاط صورة لهذا الموقف، فقال لماذا ومن أنت؟ فعرفته بنفسي، وسمح لي، وبينما كنت أستعد لالتقاط الصورة، إذا بحراثة تتوقف بجانب السيارة أمام المحل التجاري، فكانت اللقطة نفسها أكثر تعبيراً وأدق بلاغة من أي وصف، وقد فهمت منهما أن هذه المسألة أصبحت مألوفة لديهم ولا حل لها، إلا «أن تعمل الحكومة لنا مخرجا وتنشئ لنا محطة أو محطتين للوقود»، فقلت: هذا هو الحل الصحيح، إذا تريد الدولة معالجة الوضع ورفع المعاناة يا علي محسن.

رجل مسن يشير الى محل تجاري ..هذه هي محطة البترول
شاهدت رجلا مسنا يمشي وكانت بندقيته على كتفه، ويحمل في يده (دبة بلاستيكية)، فما أن قرب مني حتى بادرته بالتحية ثم سألته: إلى إين يا حاج؟ فأجاب سأشترى (بترول) للمكينة، فقلت: وأين المحطة التي ستشتري منها؟ فقال: تعال معي.
فمشيت وراءه حتى أوصلني أمام أحد المحال التجارية، وقال هذه هي محطة البترول حقنا، وأخذت منه الإذن بالتقاط صورة، فوافق: حاضر تفضل، فعرفني بنفسه قائلا: أنا صالح أبوبكر صالح من آل صناع. وصافحني، ثم سألني: ومن أنت؟ قلت: أنا مراسل «الأيام»، فرحب بي مرة أخرى، وقال أحسن حاجة تكتبوا عليها بالجريدة البترول والديزل، لأن هذا موسم الزراعة، والحراثات معنا تبى لها ديزل، بانحرث الوادي، ومضخات المياه تبي لها بترول بانسني عليها.
الحكومة مسؤولة ومهمتها تسهيل الخدمات لمواطنيها
كما التقينا بالأخ عبداللاه عبدالقادر السيد، مهندس في محطة الكهرباء، فوجدتها فرصة للحديث معه، فقال: حقيقة إننا جميعاً نعاني الأمرين جراء انعدام الوقود، فنحن في الكهرباء بحاجة إلى مضاعفة الكمية المخصصة لنا من مادة الديزل، حيث نضطر إلى استئجار سيارة لا ستجلاب الديزل من البيضاء، وهذه المعاناة ليست إدارة الكهرباء وحدها التي تعانيها فحسب، بل جميع الأهالي كونهم بحاجة إلى الوقود من ديزل وبترول وجاز وزيت...وغيره، وهي مسألة لا تستطيع محطة واحدة في المديرية القيام بها على أكمل وجه، وعلى الحكومة مراعاة هذا الجانب ورفع المعاناة، وأخص بالذكر شركة النفط، فعليها أن تبحث عن الكيفية المناسبة لإخراجنا من هذا المأزق، من خلال السماح للمستثمرين بإنشاء محطات للوقود في الحد، فنحن فينا ما يكفينا من المعاناة الحياتية وقسوتها التي زادت عن الحد المعقول، والحكومة هي المسؤولة عن مهمة تسهيل كافة الخدمات لمواطنيها إن أرادت.
(الدبة) ثمنها 1200 ريال
شخص آخر التقيناه بينما كان عائداً لتوّه من سوق بني بكر-عاصمة المديرية- فاستوقفته وطلبت الحديث معه، فقال أنا اسمي محمد صالح محمد من خيلة، أنا ذهبت بني بك (أي بني بكر) من أجل أن أشترى بترول للماطور - مضخة ماء.. وحول استفسارنا عن ثمنها، قال: كلفتني 1200 ريال، فضحكت وقلت لا تبالغ، فرد على الفور أنا قطعت عملي، ويوميتي بـ 900 ريال، ودفعت أجرة السيارة 100 ريال والبترول هذا بـ 200 ريال، لكن إذا كانت معنا محطة وقود قريبة منا - من سكني- فهذا شيء ثاني، لكن الحكومة مشغولة بالحوثي وقضايا النزاع بالحد، وما شي اهتموا بالباقيات.
كلمتنا الاخيرة
هل من الصعب على شركة النفط اليمنية البحث عن مستثمر في هذه المنطقة، مديرية الحد يافع، المحتاجة فعلاً لمحطة وقود؟ أعتقد أن هذا الأمر يسير علي الأخوان في الوزارة كون مديرية الحد - يافع أكثر عوزاً وفاقة للدعم والمساندة، لإخراجها من محنتها، فرفع المعاناة يحتاج إلى نظرة الدولة. نأمل ذلك قريباً.