> م. محمد شفيق أمان:

لها اسمان يحملان دلالاتها ومفهومها.. «الصحيفة» و«الجريدة».. كلاهما يصبان ويجريان إلى منتهى واحد، نقل الحقيقة المجردة سلوكاً ومنهاجاً.

تعارف العرب على أن الصحفة هي الوعاء الذي يكفي لإطعام عشرة، أما الصحيفة فهي الوعاء أو القصعة التي تكفي لإطعام الواحد، ومن هنا جاء اصطلاح تسمية الإصدار الواحد من المطبوعات اليومية بـ «الصحيفة»، وفي ذلك إشارة واضحة إلى ضرورة أن يكون العدد الواحد كافياً لإشباع رغبة ورضى القارئ فيما يريد.

أما الجريدة، فلما كان الأقدمون يحرصون على استعمال الجريدة كمادة أساسية في بناء مساكنهم، وكانوا يستخلصونها بتجريد سعف النخل من خوصها، ومن هنا جاء اصطلاح «الجريدة» حرصاً على نقل المادة الخبرية من غير مبالغة أو انحياز كحقيقة مجردة من الخوص العالق بها.

إن ما أجبرني على قول ما أقوله هنا، هو «الأيام» الصحيفة والجريدة، ورئيس تحريرها الصانع المحترف لها، الصديق الأخ الذي يحرص كثيراً على عدم نشر خبر أو شكوى أو غير ذلك مما يرتبط مباشرة بالمواطن والمؤسسات، العامة والخاصة، إلا بعد التشاور هاتفياً مع الأطراف المعنية، أو دعوتهم إلى مكتبه صباحاً أو مساءً في ديوانه، فإن خلص إلى تسوية الأمر وبان القبول عند الأطراف كف عن النشر، أما إن وجد تصلباً وتعنتاً لدى أحدهم، لجأ إلى النشر.

ولما كنت واحداً من ثلاثة كانوا قد تأذوا من تصرفات وسوء ألفاظ أحد رجال مرور عدن، ظهيرة يوم الإثنين الثامن من أغسطس الجاري، لجأت إلى رئيس تحرير «الأيام» في مكتبه ومعي الإثنان الآخران، وطلبنا منه نشر شكوانا، لكنه كعادته كان متأنياً، إذ قام على الفور بالاتصال بمدير إدارة مرور عدن العميد عادل يوسف، الذي كان متفهماً للأمر، فطلب حضورنا إلى مكتبه وقدم لنا الماء والشراب، ثم استمع إلينا بأذن صاغية، وأمر بإحضار رجل المرور فوراً، وبعد الاستماع إليه والتحاور معه تكشفت خطيئة الشرطي، فكان الجزاء التوبيخ أمام الحاضرين واتخاذ الاجراءات اللازمة التي أعادت الحق لنا.

كان ذلك مثالاً للكثير الذي لم ينشر بفضل معالجة رئيس تحرير «الأيام» الجريدة والصحيفة للقضايا قبل نشرها.

وباتباعها لهذا النهج استحقت «الأيام» لأن تكون صحيفة وجريدة.