> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

يقول الحق جل وعلا في الآيات 1-5 من سورة البقرة :{لمـü ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ü الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقونü والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنونü أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}.

في هذه الآيات المقدسة ست صفات للمؤمنين 1- التقوى، 2- الايمان بالغيب، 3- إقام الصلاة، 4- الإنفاق، 5- الايمان بالكتب السابقة، 6- الايمان بالآخرة .. والذي يؤلف هذه الصفات ويجمعها هو الايمان.. والمؤمن الصادق الحريص على عقيدته وما ينسجم معها من شرائع وشعائر يحرص أشد الحرص على الاتصاف بهذه السلوكيات الايمانية وينظر ببصيرة نافذة إلى نفسه ويحاسبها محاسبة دقيقة صادقة ويجاهدها مجاهدة مستمرة واثقاً بوعد الله {والذين جاهدوا فيها لنهديهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين} العنكبوت 69 . يقول الشهيد السعيد سيد قطب (في ظلال القران 1/41) معلقاً على تلك الصفات الايمانية السابقة «وهناك تساوق وتناسق بين هذه الصفات جميعا، هو الذي يؤلف منها وحدة متناسقة متكاملة، فالتقوى شعور في الضمير وحالة في الوجدان تنبثق منها اتجاهات وأعمال وتتوحد بها المشاعر الباطنة والتصرفات الظاهرة وتصل الانسان بالله في سره وجهره، وتشف معها الروح فتقل الحجب بينها وبين عالمي الغيب والشهادة، ويلتقي فيه المعلوم والمجهول ومتى شفت وانزاحت الحجب بين الظاهر والباطن فإن الايمان بالغيب عندئذ يكون هو الثمرة لازالة الحجب الساترة واتصال الروح بالغيب والاطمئنان إليه، ومع التقوى والايمان بالغيب عبادة الله في الصورة التي اختارها وجعلها صلة بين العبد والرب.. ثم السخاء بجزء من الرزق اعترافاً بجميل العطاء، وشعوراً بالاخاء ثم سعة الضمير لموكب الايمان العريق، والشعور بآصرة القربى لكل مؤمن ولكل نبي ولكل رسالة ثم اليقين بالآخرة بلا تردد ولا تأرجح في هذا اليقين.. هذه كانت صورة الجماعة المسلمة التي قامت في المدينة يومذاك مؤلفة من السابقين من المهاجرين والأنصار.. ويمكن للقارئ الكريم مراجعة آية البر في الاية 177 من سورة البقرة، والآيات 63-76 من سورة الفرقان والآيات 1-11 من سورة المؤمنون والآيتين 15-17 من سورة السجدة والآيات 36-39 من سورة الشورى والآيات 19-35 من سورة المعارج والآية 71 من سورة التوبة والآيات 19-22 من سورة الرعد والآية 35 من سورة الاحزاب.. فإن فيها نماذج كاشفة من آيات متفرقة عرضت لصفات المؤمنين وعلينا جميعا ونحن نقرأ القرآن أن نعرض أنفسنا عليها لنرى ما عندنا، وما ينقصنا منها لنسعى جاهدين بهمة صادقة وعزيمة عظيمة لنتحلى بها ونحققها ونغرسها في قلوب وعقول ونفوس أبنائنا وأجيالنا القادمة. اللهم أجلعنا من عبادك المؤمنين وأجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين وأهدنا إلى صدق اليقين وأحشرنا يوم القيامة إلى أعلى عليين مع النبي الأمين وآله الميامين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.