> «الأيام» علي بن عبدالله الضمبري:

يقول الحق جل في علاه : {يا أيها الذين أمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون} الانفال 27 ,لقد عرض الله سبحانه (الأمانة) على السموات والارض والجبال، وكل هذه المخلوقات الجبارة القوية رفضت (حمل الأمانة) بل اشفقن منها وأصابهن الخوف.. لكن (الانسان) حمل هذه الامانة تكليفاً إلهياً يجب القيام بأجزائه ابتداء من امانة الوضوء وانتهاء بأمانة الحكم.

ونلاحظ ان هناك تشابهاً وتشابكاً بين كلمات ثلاث (الايمان) و(الامانة) و(الامن) وقد ذكر الجرجاني في كتابه (التعريفات) أن الامن هو عدم توقع المكروه في الزمان الآتي .. وقال الراغب الاصفهاني في مفردات غريب القرآن «الامن هو طمأنينة النفس وزوال الخوف» اما الايمان فهو التصديق المؤدي الى طمأنينة القلب ، وهذا يعني أن الامن لن يتحقق إلا بوجود الايمان وأن الخوف لن يزول إلا بحيوية الايمان وفاعليته، وأن الطمأنينة لن تحصل إلا بالايمان الواثق الواعي الحي .. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ٍ«والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأعراضهم» وهذا يعني انه لا يمكن أن يوجد إيمان بدون أمانة لقول النبي الصادق الامين صلى الله عليه وآله وسلم وبارك عليه وعلى آله الطاهرين «لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له» رواه احمد والبيهقي وابن حبان.

ان الله قد كلف عباده وألزمهم بالإيمان بملائكته واليوم الآخر من أجل يقظة القلوب، وصحو الضمائر، وترشيد التوجهات، وتسديد الاعمال.. واذا ادعى مؤمن ادعاء كاذباً بالإيمان ولكنه يخون ويخدع ويغش ويزور ويدلس ويزيف فهو بلا امانة وبدون دين لأن الذي لا يأمنه مجتمعه على كلمة سر أو معاملة أو وديعة أو رأي ليس صادقاً في إيمانه وغير مستشعر لما تكتبه الملائكة من أعماله الخائنة التي توبقه في عذاب اليوم الآخر {يوم لا ينفع مال ولا بنونü إلا من أتى الله بقلب سليم}. الشعراء88 - 89 .

وحينما سأل رجل النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: «متى الساعة؟ فقال له النبي: اذا ضاعت الأمانة فانتظر الساعة.. فاستغرب الصحابة وكيف تضيع الامانة؟ فقال لهم النبي: اذا أُسند الأمر الى غير أهله فانتظر الساعة».

لذلك كانت صفة الامانة جزءاً من الإيمان بالله، ولهذا نهى الله عن (الخيانة) بل استعاذ منها النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله «وأعوذ بك من الخيانة فإنها بئست البطانة» لأن الله جل في علاه قد قال له: «ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحبّ من كان خوّاناً أثيماً». النساء 107 .

اللهم اجعلنا من أهل الإيمان والأمانة، واحفظنا من سلوك الخيانة وثبت قلوبنا على أخلاق الديانة.. آمين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.