> محمد علي الأكوع:

محمد علي الأكوع
محمد علي الأكوع
أرجو انتباهنا إلى أن إعادة وحدة الوطن شيء رائع وعظيم أبد الدهر، لأنها منحت اليمن الطبيعية هويتها وحقيقتها ورأبت صدعها الأليم بعد قرن وثلث من الزمن كان الشمال فيه مشلولاً أكثر من كون الجنوب مغلولاً، حيث كان الاستعمار رابضاً على كاهله والسلاطين عوناًً له ومطية يعبثون بمقدراته، لكن الشمال كان أسوأ حالا حيث اكسار الآلهة باسم الدين وأهل البيت والعترة قرينة القرآن - على زعمهم - كاتمون على أنفاسه.

وما كان بمقدور الشمال المنسلخ منه الجنوب أن ينقذ الجنوب لكن الجنوب هو الذي ساعد على إنقاذ وتحرير الشمال ومنذ 1936-1962 حيث بذرت الحرية أولى إرهاصاتها بعدن من الحكيمي وتبعه النعمان والزبيري وآخرون (1944م) وعادت الآمال واللجوء إلى عدن (1955م) وامتد فيض الفداء من أبناء المحافظات الجنوبية الشرقية إلى صنعاء (1962م) مضحين بأرواحهم في سبيل نصرة ثورتها، أي ثورتهم أيضاً. ورحم الله الفضول الذي قال «يا ترى لو لم يخلق الله عدن فإلى أين كنا سنهرب» أي نلتجئ وبمن نستعين؟

ولم تكن عدن وحدها ملجأ الشماليين بل شتى مناطق الجنوب لكن عدن هي قرة العين ومركز الدائرة، ليس فقط للإيواء، ولا جدرانها وجبالها الشوامخ فحسب بل بنوها من آل باشراحيل وآل لقمان والسلطان الفضلي والأدهل والبيحاني والجرجرة وغيرهم بلا حصر.

وجاءت الوحدة، فتم بها الخير وعم الرجاء، لكن الأسف البالغ أن ظل الانحراف في أعماق الآخرين. وبالوحدة انكشف المستور وأطل الخلل بقرونه من تحت سجف التضليل والدعاية لأمجاد دولة الوحدة ، مما أدى إلى الانفصال الاضطراري وبعدها حرب ضروس كان لا بد منها عند الآخر لينكسر قرن المقاومة وطموح الوحدويين الأصلاء. وأهم من كل ذلك أن جاءت الوحدة رحمة دفاقة ببنيها النخب المخلصة، وكانت عظام نخب الشمال قبل الوحدة رهيفة وصوتهم خافتاً وظهرهم مكسوراً وعزوتهم في وحشة، ولكن الآن قد اختلف وضعنا كنخب ومعارضة عرضها كعرض المحافظات كلها من المهرة إلى صعدة ومن صافر إلى عدن، ولو حتى بتوحيد الأنين والتوجع أو أن يرمي هذا الحشد الغفير من المعارضة كل المعارضة مجدلية السلطة بحجر أو مقال أو كاريكاتير أو نكتة أو نظرة شزراء . غير أن لي أمنية في تكرم الخلصاء من الناقدين ليبحثوا عن أحوال المحافظات الشمالية الغربية، يجدوها في محن أبشع من محنة المحافظات الجنوبية الشرقية ولئلا تبقى الوحدة مسكينة.