> عبده حسين أحمد:
كيف يكون الشعور الذي تحس به إذا كنت صائما في رمضان.. وما معنى أن تذهب إلى السوق وتعود وكأنك بركان ثائر من السخط والغضب والقهر والألم.. لأن الفلوس التي معك لم تحقق شراء بعض ما تشتهيه النفس ويتذوقه الفم عند الإفطار في رمضان.
< إن رمضان ليس الطعام الذي تحلم أن تأكله والبطن خاوية فاضية.. وليس السهر بعيون مفتوحة على آخرها إلى آخر الليل.. وليس الأرق وانسداد النفس والدنيا في وجهك.. بسبب هذه الحياة التي فيها الكثير من العذاب والهوان والشقاء والحرمان.
< ومن المؤكد أن الحكمة من الصوم هي إحساس الإنسان الشبعان بأخيه المسلم الجوعان.. وأنه لابد أن يعتصر الإنسان نفسه ليجد ما يملأ معدة رجل بائس فقير في هذه الدنيا.. وأكثر الناس في بلادنا فقراء.. وهي نقمة لا أعتقد أنهم يحسدون عليها.. والمشكلة أن أكثرهم ينطلق وراء لقمة العيش فلا يجدها.. وإذا وجدها قبلها وإن كان فيها بعض الذل والهوان.
< وأنا صغير كنت أتصور أن الصائم إذا جاع تعب.. وإذا عطش طلب الماء.. يكفي أن يراه أمامه يملأ به عينيه ويروي عطشه.. وخطر لي أن هذا شعور غريب.. وأدركت أنني صغر.. وربما أنني لم أنم تماما في الليلة الماضية.. وعندما أتعب يتزحلق هذا الشعور على لساني وفي كلامي.
< وتذكرت أن أشرف وأنبل المعارك- وكل المعارك أيضا- بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين.. كانت في وقعة بدر الكبرى في رمضان.. وكان النصر المؤزر للمسلمين بقيادة الرسول العظيم.. وانهزم جيش المشركين وولى الفرار.. وبالرغم من أن الرسول خاض معارك كثيرة بعد وقعة بدر الكبرى.. لكن لا هو قال ولا الصحابة والتابعون قالوا إنها كانت (أم المعارك).. وهي التي انتصر فيها المسلمون انتصارا ساحقا على قوات التحالف من المشركين.
< وفي رمضان يتحلق الناس حول مائدة الإفطار.. وأندهش جدا لأنهم لا يتكلمون.. فهم مشغولون بالنظر إلى الطعام والشراب.. ولكن بعد الأذان ومع أول حبة تمر تدور في الفم تلمع العيون وتظهر على الوجه ابتسامة خفيفة.. هي فرحة الصائمين بأنبل وأحب وأكرم عبادة بعد الصلاة.. فالصائم له فرحتان الأولى عند إفطاره والثانيه عند لقاء ربه.
< ومن عادة الإنسان إذا شعر بالجوع.. لم يعد قادرا على التعبير.. وتصبح كل الصور والأفكار والرغبات في رأسه غير منظمة.. ويحاول أن يجمعها في مكان واحد ولكنه لا يقدر.. لماذا؟.. لأنه ينسى كل شيء.. وذاكرته تروح وتجيء مثل حرارة التلفون عندما تنقطع بسبب عدم تسديد الفاتورة.. وأحياة مجرد شوشرة ونقيق متلاحق يزعج الأذن ويوجع القلب والمعدة.
< وليس من المعقول أن أعرف كل الذي يدور في عقل وقلب ومعدة الصائمين في رمضان.. وهل هو عندهم مقاس واحد.. وحجم واحد.. وكمية واحدة؟.. إنني أتلخبط كثيرا في تجميع صورة واضحة حول ذلك.. ثم لا أستطيع أن أصف الذي يجري في داخلي.. مشاعري وعذابي.. الذي هو عذاب كل الفقراء والبائسين والمساكين.
< كتبت في الأسبوع الماضي .. أن العرب مختلفون في كل شيء.. والاختلاف بينهم يمتد عادة إلى أعيادنا وصيامنا.. ولا ندري كم عدد الأهلة عند العرب؟.. وكيف تمت رؤية هلال شهر رمضان في مصر واليمن والأردن والسودان وليبيا.. وانعدمت في بقية الأقطار العربية.
< الاختلاف الماركة الأصلية للعرب!!
«الأيام» العدد 4010 في 28 أكتوبر 2003
< إن رمضان ليس الطعام الذي تحلم أن تأكله والبطن خاوية فاضية.. وليس السهر بعيون مفتوحة على آخرها إلى آخر الليل.. وليس الأرق وانسداد النفس والدنيا في وجهك.. بسبب هذه الحياة التي فيها الكثير من العذاب والهوان والشقاء والحرمان.
< ومن المؤكد أن الحكمة من الصوم هي إحساس الإنسان الشبعان بأخيه المسلم الجوعان.. وأنه لابد أن يعتصر الإنسان نفسه ليجد ما يملأ معدة رجل بائس فقير في هذه الدنيا.. وأكثر الناس في بلادنا فقراء.. وهي نقمة لا أعتقد أنهم يحسدون عليها.. والمشكلة أن أكثرهم ينطلق وراء لقمة العيش فلا يجدها.. وإذا وجدها قبلها وإن كان فيها بعض الذل والهوان.
< وأنا صغير كنت أتصور أن الصائم إذا جاع تعب.. وإذا عطش طلب الماء.. يكفي أن يراه أمامه يملأ به عينيه ويروي عطشه.. وخطر لي أن هذا شعور غريب.. وأدركت أنني صغر.. وربما أنني لم أنم تماما في الليلة الماضية.. وعندما أتعب يتزحلق هذا الشعور على لساني وفي كلامي.
< وتذكرت أن أشرف وأنبل المعارك- وكل المعارك أيضا- بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين المشركين.. كانت في وقعة بدر الكبرى في رمضان.. وكان النصر المؤزر للمسلمين بقيادة الرسول العظيم.. وانهزم جيش المشركين وولى الفرار.. وبالرغم من أن الرسول خاض معارك كثيرة بعد وقعة بدر الكبرى.. لكن لا هو قال ولا الصحابة والتابعون قالوا إنها كانت (أم المعارك).. وهي التي انتصر فيها المسلمون انتصارا ساحقا على قوات التحالف من المشركين.
< وفي رمضان يتحلق الناس حول مائدة الإفطار.. وأندهش جدا لأنهم لا يتكلمون.. فهم مشغولون بالنظر إلى الطعام والشراب.. ولكن بعد الأذان ومع أول حبة تمر تدور في الفم تلمع العيون وتظهر على الوجه ابتسامة خفيفة.. هي فرحة الصائمين بأنبل وأحب وأكرم عبادة بعد الصلاة.. فالصائم له فرحتان الأولى عند إفطاره والثانيه عند لقاء ربه.
< ومن عادة الإنسان إذا شعر بالجوع.. لم يعد قادرا على التعبير.. وتصبح كل الصور والأفكار والرغبات في رأسه غير منظمة.. ويحاول أن يجمعها في مكان واحد ولكنه لا يقدر.. لماذا؟.. لأنه ينسى كل شيء.. وذاكرته تروح وتجيء مثل حرارة التلفون عندما تنقطع بسبب عدم تسديد الفاتورة.. وأحياة مجرد شوشرة ونقيق متلاحق يزعج الأذن ويوجع القلب والمعدة.
< وليس من المعقول أن أعرف كل الذي يدور في عقل وقلب ومعدة الصائمين في رمضان.. وهل هو عندهم مقاس واحد.. وحجم واحد.. وكمية واحدة؟.. إنني أتلخبط كثيرا في تجميع صورة واضحة حول ذلك.. ثم لا أستطيع أن أصف الذي يجري في داخلي.. مشاعري وعذابي.. الذي هو عذاب كل الفقراء والبائسين والمساكين.
< كتبت في الأسبوع الماضي .. أن العرب مختلفون في كل شيء.. والاختلاف بينهم يمتد عادة إلى أعيادنا وصيامنا.. ولا ندري كم عدد الأهلة عند العرب؟.. وكيف تمت رؤية هلال شهر رمضان في مصر واليمن والأردن والسودان وليبيا.. وانعدمت في بقية الأقطار العربية.
< الاختلاف الماركة الأصلية للعرب!!
«الأيام» العدد 4010 في 28 أكتوبر 2003