> د.سمير عبدالرحمن شميري:
الحاجة سعيدة محمد عمر جرجرة (1923-2006م) والدة الصديقين العزيزين المتألقين هشام وتمام محمد علي باشراحيل، لم تولد وفي فمها ملعقة ذهب، ففي حياتها سلسلة من المعاناة والاقتحامات والمحن، تفولذت في معمعان الحياة الصعبة (لأن الذين يولدون في العواصف- كما يقول الصحفي مصطفى أمين-لا يخافون هبوب الريح.. والذين ينامون فوق مرتبة من ريش النعام لا يتحملون شكة الدبوس).
ففي كل مرحلة من مراحل حياتها كانت تقف شامخة كالطود لا تكترث بمسامير ومحاجزات وأثقال الواقع، وعلى شفتيها تشعشع بسمة أمل وفي سويداء قلبها إرادة لا تقهر (فالقوة - حسب تعبير المهاتما غاندي- لا تأتي من الإمكانات الجسدية بل من عزيمة الإرادة).
عندما اقترنت بالصحفي اللامع محمد علي باشراحيل (1941م) أخذت بيد زوجها صوب النجاح، مشت معه خطوة فخطوة وبوصة فبوصة تزهو بانتصاراته وبخطواته النجيبة صوب المجد، وتشد من أزره في لحظات الإخفاق، وتكافح بشدة من أجل ألاّ يتورط في الأخطاء، وألا يدخل في المكروه في ساحة شديدة الالتهاب «فالذهب لا يصبح ذهباً إلا بعد انصهاره في النار» (الشيخ محمد جبران).
لم تدع الواقع المرير يذبح أحلامها عندما ترك عميد «الأيام» وظيفته في شركة البرق واللا سلكي، فشمرت عن ساعدها للعمل وأخذت تخترق دائرة النفق المظلم وتنقذ عائلتها من الفاقة بساقين ثابتتين في الأرض. فلقد قال أحد الكتاب الماهرين (إن أجمل ما في سنوات العمر الكفاح.. والذي يصنع الصلة الدائمة بين الرجل والمرأة هو العرق المشترك إنه أقوى من الأسمنت!).
ومع ثلة متنورة من بنات جنسها اشتركت في تعليم النساء القراءة والكتابة وفنون الخياطة والتطريز، وكانت من العضوات المؤسسات لـ(جمعية المرأة العدنية في يناير 1956م) ونائباً لرئيسة الجمعية، حيث كانت أم صلاح (رقية محمد ناصر) رئيسة الجمعية.
ساهمت مع حفنة من المتنورات في إعداد وتقديم بعض البرامج الإذاعية من إذاعة عدن.
ومع كل الخيرين انخرطت في دعم ثورة 26 سبتمبر 1962م، حيث قامت بجمع التبرعات للثورة وتجهيز البزات العسكرية للجنود.
ولها بصمات متميزة في تنشئة أولادها وبناتها وفي تثبيت صحيفة «الايام»، وساندت بكل ما تملك من قوة رمزية وروحية ومادية ولديها (هشام وتمام) حتى أصبحا قامتين فارعتين في سماء الصحافة.
الحاجة سعيدة، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، عاشت بصمت وغادرت حياتنا بصمت، لم تهفُ نفسها للنياشين والجوائز والشهادات التقديرية، ولم ترفع يافطات دعائية تصب في منفعتها الخاصة.
فأم هشام وتمام باشراحيل بسيطة وطيبة كبساطة بشر هذه المدينة المتسامحة (عدن)، التي تعطي كل شيء ولا تمن على أحد بشيء.
«بموت أمي.. يسقط آخر قميص صوف أغطي به جسدي
آخر قميص حنان..
آخر مظلة مطر..
أرضعتني من ثديها.. وملأت جيوبي عنباً، وتيناً، وبرقوقاً
كلها هزت لي نخلها.. فأكلت..
وفتحت سماواتها لي .. كراسة زرقاء
فكتبت..» (نزار قباني)
ففي كل مرحلة من مراحل حياتها كانت تقف شامخة كالطود لا تكترث بمسامير ومحاجزات وأثقال الواقع، وعلى شفتيها تشعشع بسمة أمل وفي سويداء قلبها إرادة لا تقهر (فالقوة - حسب تعبير المهاتما غاندي- لا تأتي من الإمكانات الجسدية بل من عزيمة الإرادة).
عندما اقترنت بالصحفي اللامع محمد علي باشراحيل (1941م) أخذت بيد زوجها صوب النجاح، مشت معه خطوة فخطوة وبوصة فبوصة تزهو بانتصاراته وبخطواته النجيبة صوب المجد، وتشد من أزره في لحظات الإخفاق، وتكافح بشدة من أجل ألاّ يتورط في الأخطاء، وألا يدخل في المكروه في ساحة شديدة الالتهاب «فالذهب لا يصبح ذهباً إلا بعد انصهاره في النار» (الشيخ محمد جبران).
لم تدع الواقع المرير يذبح أحلامها عندما ترك عميد «الأيام» وظيفته في شركة البرق واللا سلكي، فشمرت عن ساعدها للعمل وأخذت تخترق دائرة النفق المظلم وتنقذ عائلتها من الفاقة بساقين ثابتتين في الأرض. فلقد قال أحد الكتاب الماهرين (إن أجمل ما في سنوات العمر الكفاح.. والذي يصنع الصلة الدائمة بين الرجل والمرأة هو العرق المشترك إنه أقوى من الأسمنت!).
ومع ثلة متنورة من بنات جنسها اشتركت في تعليم النساء القراءة والكتابة وفنون الخياطة والتطريز، وكانت من العضوات المؤسسات لـ(جمعية المرأة العدنية في يناير 1956م) ونائباً لرئيسة الجمعية، حيث كانت أم صلاح (رقية محمد ناصر) رئيسة الجمعية.
ساهمت مع حفنة من المتنورات في إعداد وتقديم بعض البرامج الإذاعية من إذاعة عدن.
ومع كل الخيرين انخرطت في دعم ثورة 26 سبتمبر 1962م، حيث قامت بجمع التبرعات للثورة وتجهيز البزات العسكرية للجنود.
ولها بصمات متميزة في تنشئة أولادها وبناتها وفي تثبيت صحيفة «الايام»، وساندت بكل ما تملك من قوة رمزية وروحية ومادية ولديها (هشام وتمام) حتى أصبحا قامتين فارعتين في سماء الصحافة.
الحاجة سعيدة، رحمها الله وأسكنها فسيح جناته، عاشت بصمت وغادرت حياتنا بصمت، لم تهفُ نفسها للنياشين والجوائز والشهادات التقديرية، ولم ترفع يافطات دعائية تصب في منفعتها الخاصة.
فأم هشام وتمام باشراحيل بسيطة وطيبة كبساطة بشر هذه المدينة المتسامحة (عدن)، التي تعطي كل شيء ولا تمن على أحد بشيء.
«بموت أمي.. يسقط آخر قميص صوف أغطي به جسدي
آخر قميص حنان..
آخر مظلة مطر..
أرضعتني من ثديها.. وملأت جيوبي عنباً، وتيناً، وبرقوقاً
كلها هزت لي نخلها.. فأكلت..
وفتحت سماواتها لي .. كراسة زرقاء
فكتبت..» (نزار قباني)