> سحر بعاصيري:

سحر بعاصيري
سحر بعاصيري
ما دامت ايران تقود المواجهة الاقليمية مع أميركا وما دام الرئيس محمود أحمدي نجاد هو القائد الصوتي لهذه المواجهة بالمعنيين البشري والالهي، كما يعتقد، فعلينا ان نبني على الشيء مقتضاه لنفهم اتجاه الازمات ولبنان في قلبها.

آخر ما قاله نجاد مع اقتراب موعد تصويت مجلس الامن على فرض عقوبات على ايران بسبب برنامجها النووي هو ان هذا البرنامج صار "مصدر الهام" لدول أخرى ولن توقفه محاولات الغرب. لكن الاهم وما يعني ازماتنا هو هذا الوعد والموعد: ايران ستعلن في شباط، بعد شهرين، في احتفالات الذكرى السنوية السابعة والعشرين للثورة الاسلامية انها ستصبح عضواً كاملاً في نادي الطاقة النووية.

المعنى: ايران تراهن على انها ستغير موازين القوى في المنطقة بما سيأخذ المواجهة في منحى آخر على الاقل في اتجاه توصية لجنة بايكر- هاميلتون بفتح حوار معها، خصوصاً ان ادارة بوش لا تزال في مرحلة بلورة استراتيجيا جديدة في المنطقة.

المعنى: حلفاء ايران يراهنون معها على رهانها أملاً في تحقيق مكاسب أكبر.

المعنى: ايران وحلفاؤها سيعمدون في الدرجة الاولى الى اطالة عمر الازمات الى ان يحين الموعد. مماطلة بكلام آخر، ربما بالتصعيد وربما ببعض المرونة، ولكن ليس بتسهيل بلوغ اية حلول جدية.

وهذا مرجح في الدرجة الاولى في لبنان وفلسطين، الساحتين اللتين اختارتهما ايران لهزم أميركا واسرائيل. فلا شيئ تغير منذ وعد مرشد الجمهورية علي خامنئي أميركا بان يهزمها في لبنان الا مزيد من "الاهتمام" الايراني بالازمة اللبنانية وتوسيع "الاتصالات" في شأن معالجتها بما يصل الى السعودية.

أما سوريا فوضعها مختلف لانها دولة حليفة لايران وليست ساحة، وان تكن شريكا غير متساو في التحالف. رهانها في انتظار تغيير ميزان القوى ان تسعى الى تقليل الاثمان التي تطلب منها واشنطن دفعها وتضمن في النهاية حواراً معها يحفظ نظامها واستقرارها. مرحلة من المرونة بأشياء ومن التصلب بأشياء أخرى. وهذا يتضح من عروض حسن النية التي تظهرها سوريا ازاء أميركا ان في أزمة العراق أم في الاستعداد للتفاوض مع اسرائيل، ومن التشدد في موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

ففي حين قال الرئيس بشار الاسد في حديث صحافي "فليحاول معنا اولمرت ليرى اذا كنا نخدع"، أدلى وزير الخارجية وليد المعلم بمواقف يفترض ان تكون مغرية لاميركا في مقابلة الاسبوع الماضي مع "الواشنطن بوست". قال: "لسنا ضد الولايات المتحدة. على العكس نريد ان نكون جزءاً من الحوار الاقليمي، وهو في رأينا يخدم المصالح الاميركية في المنطقة".

وقال أكثر في موضوع العراق. بعدما أكد ان سوريا تؤيد جدولة الانسحاب الاميركي منه، اعتبر ان أي انسحاب سريع لهذه القوات قبل ان يتولى العراقيون الامن سيكون "خطوة غير أخلاقية"..أما في ما يخص عقدة الازمة اللبنانية فالموقف نهائي: سوريا غير معنية بالمحكمة.

كل على مواقفه في انتظار شباط يلين في بعضها أو يتشدد ومن يشغل ساحات المواجهة في لبنان وفلسطين والعراق فليعد الايام وليستعد. وليتذكر أيضاً ان شباط قد لا يكون الاّ موعداً أول من مواعيد ايران ومجرد موعد جديد في المواجهة.

عن «النهار» اللبنانية 3 يناير 2007