> معسكر خرز «الأيام» من لين نويهض:

يغامر آلاف الصوماليين بحياتهم لعبور خليج عدن كل عام هربا من الصراع والفقر في بلدهم محشورين في قوارب متداعية بحثا عن حياة أفضل.
والعديد منهم لا ينجح إذ يلقيه مهربو البشر في البحار المليئة بأسماك القرش. ومن يتمكنون من النجاة يتركون على شواطئ اليمن الذي يمنحهم وضع اللاجئ لكن بصفته أحد أفقر البلدان خارج إفريقيا لا يمكنه أن يقدم لهم الكثير.
ودفع علي حسين حسان البالغ من العمر 37 عاما 125 دولارا للمهربين للقيام بالرحلة منذ شهر مضى. واستغرقت رحلة القارب أربعة أيام مات خلالها خمسة من 225 شخصا كانوا على متن القارب من العطش في الطريق.
ويبيع حسان الآن السلع المستخدمة مثل مذياع معطل أو بطاريات مستخدمة من على عربة في ضاحية البساتين الفقيرة في مدينة عدن المكونة من أكواخ من الطوب اللبن وأزقة غير معبدة تمتلئ بالقمامة.
وقال إنه يحاول كسب مال كاف لإرساله لزوجته وثلاثة أطفال تركهم في الصومال.
وقال حسان "اخترت اليمن لأنني لم أكن أملك المال للذهاب لأي مكان آخر. والآن أعيش هنا وحدي دون أي شخص يعتني بي... لم أكن أملك المال لأحضر عائلتي معي."

وتقول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إنها على دراية بوصول 60 قاربا إلى اليمن هذا العام وبموت 363 شخصا على الأقل في طريقهم من القرن الإفريقي.
وقال عبد المالك عبود مساعد العلاقات الخارجية للمفوضية في صنعاء إنه على مدى أعوام كان من يصلون شهريا يفوقون الألف بما يضيف لما يقدر بنحو 102 ألف لاجئ يعيشون في اليمن.
وقال "من الممكن أن يكون هناك الآلاف الذين يصلون ولا نعلم عنهم شيئا أبدا." ونسبة نحو 98 بالمئة من إجمالي اللاجئين صوماليون.
وتسجل الوكالة القادمين الجدد على الساحل وتقدم لهم المساعدات العاجلة. ثم تخيرهم خيارا صعبا.

ومعسكر خرز مكون من مجموعة من الملاجئ والاكواخ الحديدية المتعرجة التي تمنع النسيم حيث يلعب الأطفال كرة القدم على أرض صخرية. ويأوي المعسكر 8245 صوماليا و 654 إثيوبيا.
وأمضت حليمة حسان نصف عمرها في المعسكر. فقد كانت فتاة صغيرة عندما تركت الصومال منذ 15 عاما. وتبلغ حليمة من العمر الآن 30 عاما وتزوجت في خرز و أطفالها الثلاثة في المعسكر ويعيشون جميعا هناك.
وقالت "حمدا لله نحصل على ما يكفي للإفطار والغداء والعشاء هنا. لا شيء آخر. الحصص ليست كافية."

وقال سامر حدادين وهو مسؤول كبير في المفوضية في صنعاء "وضع اليمن يتطلب المزيد من المساعدة من المتبرعين والمجتمع الدولي وكلما زاد المتبرعون زاد ما يمكننا أن نفعله."
وقال المحامي أحمد عرمان السكرتير التنفيذي للهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات اليمنية إن اللاجئين من العراق وفلسطين وإثيوبيا وبلاد أخرى يعيشون أيضا في ظروف سيئة إلا أن الصوماليين هم المجموعة الأكبر والأفقر.
وقال عرمان "وضعهم يتدهور من سيء إلى أسوأ... اليمنيون يعيشون في فقر مدقع فكيف سيعيش اللاجئون؟"
وعلى الرغم من فقرهم فإن اليمنيين يميلون الى التعاطف مع اللاجئين الصوماليين وعادة يعيشون بجانبهم في مناطق فقيرة في أحوال من النادر أن تكون أفضل. واليمن هو الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية الموقعة على معاهدة الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 .
ولا تمنح جارات اليمن الأغنى الصوماليين وضع اللاجئين تلقائيا لكن ذلك لا يمنع البعض من محاولة الوصول إلى الخليج للعثور على وظيفة لا تتاح في اليمن التي يرتفع فيها معدل البطالة.

وتقول مفوضية اللاجئين إن المهربين يقذفون بالناس من القوارب إذا رأوا حرس الحدود أو شعروا أن قواربهم محملة بأكثر من طاقتها. وبعض اللاجئين يختنقون أو يموتون من الجفاف مع سعي المهربين إلى شواطئ جديدة لتركهم فيها على طول الساحل الممتد لمسافة 2400 كيلومتر.
وكثف اليمن دورياته الساحلية بعد أن انضم للحرب التي تقودها الولايات المتحدة على الإرهاب اثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 لكن عبود من مفوضية اللاجئين يقول إن المهربين كانوا عديمي الرحمة مع المهاجرين حتى قبل ذلك.
وقال "ابتداء فإن القوارب ليست صالحة لنقل البشر... إنهم يحشرون الأشخاص تحت المقاعد وبالقرب من المحركات تحت تهديد السلاح."
وتقول مفوضية اللاجئين إن من بين 26 ألف شخص عبروا العام الماضي هناك 330 على الأقل توفوا. واعتبر 300 آخرين في عداد المفقودين ويعتقد أنهم ماتوا.
وقالت آسيا عبد الله وهي تحمل رضيعا وطفلين آخرين متعلقين بعباءتها السوداء "لا حياة هنا... أتمنى لو أستطيع العودة... لو كان الصومال ينعم بالسلام لكنت عدت."رويترز