> «الأيام» محمد مرشد عقابي:

الكسارة
منطقة خيم عليها تدني الخدمات وإهمال السلطة المحلية سيد الموقف
تعيش منطقة جول مدرم في وضعية رديئة تتمثل في تدهور المستوى التعليمي وغياب عوامل العيش الكريم للمواطن المتمثلة في الكهرباء رغم مرور أعمدة التيار الكهربائي العام في أراضيها ووسط وبين منازلها. وفي بداية نزولنا إليها للتعرف على معاناة أهاليها استوقفتنا تلك الابتسامة العريضة المرسومة بين شفتي شيخ المنطقة الوالد عارف باقرى سويدان، التي كانت خير دليل لترحيبه وترحيب أبناء المنطقة بنا، حيث قادنا إلى منزله لتناول طعام الغداء وبعد فراغنا منه تبادلنا أطراف الحديث حيث أوضح لنا الشيخ عارف الكثير من سطور المعاناة التي يكتوي بها أبناء جول مدرم ولم ينس كل ما اعتمل فيها من مشاريع خيرية قائلاً: «إن مشروع مياه جول مدرم قد نفذ على مراحل تم خلالها بناء خزان سعة 75م3 بتمويل من منظمة أكسفام البريطانية وأيضاً قيام شركة هائل سعيد ممثلة بالأخ الحاج أحمد هائل نائب رئيس مجلس الإدارة بحفر بئر وشق طريق إلى المصدر والعمل جار حالياً في بناء وتوسعة جامع القرية وكذلك بناء 4 فصول دراسية لتحفيظ القرآن الكريم وهذا يدل على فعل الخير الذي يقدمونه والشكر لمنظمة ترنجل الإنسانية التابعة للاتحاد الأوربي ممثلة بالمدير المهندس صباح عبدالكريم لجهوده الكبيرة والفريق التابع له بمنح منطقتنا مضخة وشبكة لإيصال المياه إلى منزل كل مواطن وبناء غرفة للمضخة ومكتب لإدارة المشروع ومشروع حمامات بسيطة والذي عاد بالنفع لأهالي جول مدرم والسراحنة». ووجه الشيخ عارف شكره للأخ المهندس أنور المرفدي مدير مشروع مياه الريف عدن- لحج - أبين على الاستمرار في النزول ومتابعة سير العمل شاكراً كل فاعلي الخير الذين تبنوا هذه المشاريع والأعمال.

عمود التيار العام
الكسارة مصدرً لتلوث البيئة
وأشار الشيخ عارف في حديثه إلى أن الكسارة الموجودة بجانب منطقة جول مدرم «أصبحت تشكل خطراً على حياة المواطن وذلك من خلال انتشار الأتربة والغبار المعكرة لصفو جو المنطقة النقي وقد تم رفع عدة شكاوى من قبلنا للجهات المعنية والسلطة المحلية التي وعدتنا بإيجاد حل لهذا المعضلة إلا أننا اصطدمنا بأكاذيب الوعود الزائفة وتم إنزال الخبر في صحيفة «الأيام» .
ونحن الآن نناشد ونستغيث بالسلطة المحلية بالمحافظة لإنقاذ أسرنا وأطفالنا من الأوبئة والأمراض التي تسببت في وجودها وانتشارها هذه الكسارة».
ودعا الشيخ عارف مكتب الصحة والسكان بالمديرية إلى سرعة إنزال فرق الرش لمكافحة بعوض الملاريا المنتشر هذه الأيام بين أوساط الأطفال والشيوخ وتزويد الوحدة الصحية في المنطقة بالأجهزة الطبية الحديثة والمعدات التي تفتقر إليها لتؤدي رسالتها السامية على أكمل وجه وتخدم شريحة المرضى من أهالي المنطقة والمناطق المجاورة لها.

الأطفال الباعة المتجولون
أما الأخ حنش مثنى عبدالله فقد تحدث إلينا حول انتشار عمالة الأطفال وبروز هذه الظاهرة مؤخراً بين أطفال منطقة جول مدرم، وأرجأ الأسباب وراء ذلك إلى الحالة المعيشية التي وصل إليها المواطن من جراء الغلاء الفاحش للمواد الغذائية وغيرها من متطلبات الحياة اليومية وعدم وجود فرص عمل وكذلك انتشار الجهل والفقر بين السكان، مما دفع بالأطفال للقيام بهذا العمل ليتمكنوا من توفير لقمة العيش. واستطرد في حديثه قائلاً:
«بعض الآباء من أبناء المنطقة نتيجة لتقادم السنين عليهم وعدم وجود وظيفة تستر عيوب الفقر المدقع الذي يعيشونه لم يجدوا أمامهم حلاً سوى الدفع بفلذات أكبادهم إلى الخط العام لبيع بعض منتجات مزارعهم لتسيير أمور حياتهم»، ويضيف الأخ حنش سبباً مهماً إلى تلك الأسباب «هو ذهاب الوظائف إلى ذوي النفوذ والمحسوبية بينما أبناء جول مدرم الخريجون وحاملو الشهادات المختلفة مرميون في الشارع من دون أي عمل في ظل ظروفهم القاسية التي لا ترحم.. كل هذه الظروف وغيرها كانت وراء عمالة الأطفال».
الأراضي الزراعية وغياب عوامل الحفاظ عليها
تعد الأراضي الزراعية الشاسعة مصدراً مهماً لعيش المواطن في منطقة جول مدرم وإيرادات المحاصيل الزراعية تعيل أسراً تكبلها حبال الفقر، حيث يعتمد سكان جول مدرم اعتماداً كلياً وأساسياً على الزراعة كونها تمثل السبيل الوحيد للخروج من الأزمات الخانقة لارتفاع أسعار المواد الغذائية، والزراعة ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بحياة المواطن في هذه المنطقة في ظل عدم وجود مصادر أخرى لدخل المواطن. وهذه الأيام تعيش جول مدرم في دوامة كبرى نتيجة جرف السيول للأراضي والمزروعات وإتلافها المنتجات والمحاصيل الزراعية مما أدى إلى زيادة أعباء المواطن وتجرعه مرارة العيش تحت ظلال الفقر والحاجة وعدم وجود منافذ أخرى يستمد منها المواطن قوت يومه سوى الاعتماد على قطعته الزراعية التي حرمته منها السيول. وتحدث إلينا المواطن محفوظ أحمد حيدر قائلاً:«إن المزارع قد تلفت وجرفت نتيجة السيول ولم تفد تلك النداءات والاستغاثات التي تضرع بها المواطنون للجهات المختصة بالمديرية وذلك للنزول ووضع المعالجات والحلول المناسبة لإنقاذ أراضينا الزراعية وهي أول وآخر ما نملكه في حياتنا ووسط تربة وطن كأننا في غربة عنه ورغم كل تلك النداءات لم يتم تشكيل فرق لمعاينة الأضرار والنكبات التي تعرضت لها جميع الأراضي الزراعية ولم يتم عمل الحواجز والسدود المائية والدفاعات اللازمة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه».
وأبدى المواطن محفوظ استغرابه لهذه السياسات الخاطئة التي يسلكها أعضاء المجلس المحلي تجاه هذه القضية المهمة التي يترتب عليها بقاء أسر وفناء أسر أخرى وتساءل عن المصير المجهول الذي ينتظره وغيره من المزارعين الذين لا يوجد لديهم مصدر للدخل سوى أراضيهم الزراعية المهدد ما تبقى منها بالضياع من بين أيديهم في ظل غياب وسائل الدفاع عنها. وتابع حديثه بالقول:
«إن مياه وادي تبن تخلف الضرر لنا وتعطي الفائدة لغيرنا، كل ذلك نتيجة السياسة الخاطئة لملاك القرار والجهات المسؤولة حيث إن المياه يستفيد منها غيرنا في ري وسقيا الأراضي الزراعية وعمل السدود لحجز المياه للعمل الاحتياطي وكذلك وضع قنوات لتصريف المياه بشكل جيد ومدروس للاستفادة منها وعمل العديد من مشاريع مياه الشرب في كثير من قرى ومناطق محافظة لحج بينما سلطتنا المحلية تكتفي بالتفرج على وادي تبن وسيوله وهي تمر جارفة أراضينا وممتلكاتنا ومياهه تتسرب من بين أيدينا دون أن يعمل لنا أي مشروع يعود بالنفع لكافة المزارعين من أهالي المديرية».

مبنى المولد
مديرية المسيمير برمتها تفتقر لأبسط مقومات الحياة: الماء والكهرباء وتعيش تحت مطرقة الظلم وسندان التجاهل والإهمال، وقصص العذاب الذي تكابده المديرية لا تتوقف على منطقة جول مدرم فحسب إنما تشمل جميع قرى ومناطق المديرية، وأكبر وأهم مثال على ذلك هو مدينة المسيمير عاصمة المديرية التي تعيش تحت الظلام الدامس المسيطر على أجوائها، ووحشة ظلام الليل لم يحرك ضمير الجهات المعنية والسلطة المحلية لانتشال هذه الوضعية المزرية التي عواقب نتائجها يتكبدها الأطفال والعجزة المسنون ويقف إزاءها المواطن الغلبان لا حول له ولا قوة، وقدوم الشهر الفضيل في ظل هذه الأجواء الملبدة بالظلام بدون قيام السلطة المحلية بعمل مخارج للخلاص من هذه التعاسة التي تتسيد الموقف ويتلوى تحت آلامها المواطن المسكين يعد نقطة وعلامة بارزة سوداء توضع على جبين هذه السلطة.