> تكتبها/ خديجة بن بريك

عدن ومن سواك يا مصنع الرجال، هبت رياح الغدر من شمال اليمن، حصدت فيها الأرواح، ودمرت المباني.. أرادوا أن يكونوا كعاصفة تقتلع كل شيء أمامها، إلا أنهم تفاجأوا برجال أشداء بواسل مخلصين لأرضهم وأمهم عدن، وقفوا في وجه تلك العاصفة الهوجاء وكبحوا سرعتها وجماحها.
إنهم أبناء عدن الأوفياء، الذين انتفضوا وشمروا عن سواعدهم لصد غزو مليشيات الحوثي وقوات صالح الانقلابية أثناء محاولتها اجتياح مدينة عدن وتركيع أهلها وإخضاعهم في حرب 2015.. فتأهب جميع أبناء عدن، شبابها وأطفالها ونساؤها وشيوخها، وقفوا وقفة رجل واحد لدحر ذلك العدوان.
الشهيد العقيد محمد فضل الرهوة، أحد أبناء محافظة أبين، شارك في العديد من جبهات القتال ضد المليشيات الحوثية العفاشية الغاشمة في حرب 2015، ولم يبخل في تقديم خبراته العسكرية لأفراد المقاومة في عدن، كونه منتميا للمؤسسة العسكرية.. ليستطيعوا مواجهة تلك الجيوش البربرية القادمة من كهوف مران.. فأقسم محمد الرهوة ومن معه من الشباب المتحمسين على إعادة تلك المليشيات الكهنوتية إلى كهوفها، فشارك الشهيد في العديد من الجبهات، وشهدت له تلك الجبهات بثباته وشجاعته وإصراره على التصدي للعدوان الغاشم.
الشهيد الرهوة بث روح العزيمة لدى زملائه الذين كانوا يقاتلون بكل حماس من أجل وطنهم الذي حاول عدو حاقد أن يدمره ويركع أهله، متناسيا أن عدن وأهلها لا يركعون إلا لله سبحان وتعالى.
وبعد صولات وجولات وملاحم قدمها شباب عدن الأبطال بدأت بشائر النصر تلوح في الأفق، مما زاد من حماس شباب المقاومة الجنوبية على تحرير كل شبر من أرض الجنوب وهزيمة المليشيات الانقلابية وطردها من أرض الجنوب الطاهرة.
الشهيد الرهوة أوكلت إليه مهمة من قبل نظام الشرعية في أن يكون قائد كتيبة من شباب المقاومة الجنوبية وعدد من العسكريين الجنوبيين الذين شاركوا في التصدي لتلك المجاميع الوحشية، واستطاعوا التغلب على جميع العقبات التي واجهتهم.
وفي تاريخ 31 /7 /2015 استشهد العقيد محمد فضل الرهوة في معركة دارت بجانب محطة شبوة، الواقعة في منطقة العلم بمحافظة عدن، في الطريق المؤدي إلى محافظة أبين.
لم يبخل الشهيد بخبرته وحياته من أجل وطنه فسالت دماؤه الطاهرة وروت تربة وطنه الذي نذر له حياته، والذي طالما حلم بتحريره من نظام صالح المستبد، استشهد قبل أن يرى الجنوب يتحرر شبراً شبراً.. دفع الشهيد الرهوة ثمن حلمه وضحى بحياته من أجل تلك اللحظة التاريخية إلا أنه لم يرَ تلك الانتصارات.. فنم قرير العين أيها الشهيد الوفي، فالجنوب اليوم ليس جنوب الأمس.