> تقرير/ وهيب الحاجب
في خامس زيارة له، وصل المبعوث الأممي مارتن جريفيثس، أمس الأربعاء، صنعاء للقاء قيادات حوثية رفيعة من المقرر أن تسلمه ردها حول مقترحات كان جريفيثس طرحها في إطار خطته لإعادة الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات التي بقيت متعثرة منذ مشاورات الكويت في أبريل 2016م.
وصول المبعوث الأممي صنعاء تزامن مع هجوم شنه الحوثيون على بارجة نفط سعودية بالبحر الأحمر، في رسالة ذات بُعد سياسي من الجماعة للمبعوث الأممي الذي خصص زيارته هذه المرة لاستلام «الرد»، ما يشير إلى أن الهجمة الحوثية مسعى لتسجيل حضور بارز في المفاوضات التي يحضّر لها المبعوث.
وأثمرت جهود المبعوث الأممي حتى الآن هدنة مؤقتة اقتضت إيقاف العمليات العسكرية التي أطلقها التحالف لحسم أمر الحديدة عسكريا، وهو ما تعتبره الحكومة اليمنية عرقلة للحسم العسكري وفرصة تعطي الحوثيين وقتا للعب على معطيات الميدان وترتيب أوضاعهم لمواصلة الحرب بعد أن أوصلتهم المواجهات الأخيرة إلى حافة الانهيار.
التعامل الأممي مع جماعة الحوثي بات أكثر رسمية وبتكتيكات تشير إلى قوى دولية وإقليمية أضحت حاضرة بقوة على خط الأزمة اليمنية لإبقاء الحوثيين رقما صعبا في المعادلة، وترجح فرضيات صراع قوى دولية تتخذ من اليمن وسوريا والعراق ميدانا لتصفية حساباتها.
تكتيكات جريفيثس في التعامل مع القوى اليمنية لا تخلو من أن أطراف دولية لا تريد حسما عسكريا ينهي عهد الحوثيين ولا تريد للحرب أن تنتهي، كما تهدف القوى ذاتها إلى تعميق محنة السعودية في اليمن وتوريطها أكثر في حرب لا يستبعد مراقبون أن تمتد إلى حرب إقليمية تكون السعودية أول أطرافها.
وحول فرص تحرير المدينة من قبضة الحوثيين، يرجح مهتمون بالشأن العسكري اليمني أن يعاود التحالف العربي عملياته العسكرية «ولكن ليس بغرض اقتحام المدينة ولكن بتطويقها من الشرق والشمال وعزلها عن مناطق سيطرة الحوثيين في الجبال، تمهيدا لإسقاطها في مرحلة لاحقة».
وأكد خبراء استراتيجيون أن مهمة المبعوث الأممي كانت من الممكن أن تكون أكثر انسيابية واتساقا مع الواقع وربما تحقق نجاحا في حال تغيرت موازين القوى على الأرض وتمكنت القوات المشتركة من تحرير مدينة الحديدة ومينائها وهي العملية التي كانت على وشك الإنجاز قبل أن يعمل جريفيثس نفسه على إعاقتها من خلال توجيه الضغوط الدولية باتجاه إيقاف عملية التحرير.
خبير غربي في تاريخ السياسة الغربية تجاه العالم العربي قال: «لا يمكن للغرب، وبالخصوص واشنطن، السماح للسعودية بتحقيق انتصار في اليمن، الانتصار سيعني إلحاق هزيمة بإيران حاضنة وعراب الحوثيين، وستكتسب السعودية حينئذٍ ثقة في النفس ستجعل منها مرجعا إقليميا لقرارات العالم العربي في ظل انكماش القاهرة وعزلة سوريا وتغيير بغداد وجهتها الاستراتيجية».
وأضاف: «ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يجهل تاريخ الدسائس والمؤامرات الغربية في العالم العربي، لو كان قد استحضر مقولة ثعلب السياسة الأمريكية هينري كيسنجر منذ أربع سنوات بقوله (لا يمكن للدول العربية الخليجية التمتع بالأموال التي جمعتها بفضل بيع البترول للغرب) لما قَبِل بتوجيهات صناع القرار وراء الستار في لندن وباريس وواشنطن، ولما تورّط في هذه الحرب. لقد كان ضحية فخ نفسي ببحثه عن تحقيق زعامة ما».
تمديد الهدنة في الحديدة لا يعني أن المبعوث الأممي تقدم في مهامه أو حقق نجاحا في خطته ومقترحاته، فالحوثيون لن يقبلوا بجزء كبير من الخطة التي تقتضي انسحابا كاملا من الحديدة وتسليمها لقوات أمنية تابعة لحكومة هادي، والحكومة الشرعية لن تقبل بإيداع إيرادات الميناء في بنك الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون.. وبالتالي فإن ترجيح استئناف الحرب والمضي نحو انتزاع الميناء خيار وارد وربما وحيد إن لم يكن مرضيا للمبعوث الأممي.