> تقرير / وهيب الحاجب
واشنطن تضع شروطا عملية لتزويد الطائرات الإماراتية والسعودية- التي تنفذ العمليات العسكرية في اليمن- بالوقود، وتشترط الحد من دعم إدارة ترامب لحرب اليمن.. الرياض أعلنت أمس الأول تعليق عمليات تصدير النفط الخام عبر باب المندب على خلفية استهداف الحوثيين لناقلتي نفط سعوديتين في البحر الأحمر الأربعاء.. التحالف العربي يتأهب لاستئناف معركة الحديدة المعلقة بجهود من المبعوث الأممي مارتن جريفيثس.. الاتحاد الأوروبي يعارض مسألة حسم أمر الحديدة عسكريا.. الإمارات والسعودية، ومعهما الحكومة اليمنية، لا يعلقان آمالا على جهود جريفيثس في حل سياسي في الحديدة، وينظران إلى هزيمة الحوثيين عسكريا والسيطرة على الميناء بالقوة خيارا وحيدا.. إيران وباستخدام سياساتها وعلاقاتها مع روسيا والصين ومع بعض دول أوروبا لاعب قوي في حرب اليمن.. الجنوب والحركة الانفصالية عامل بات الأكثر حضورا وتأثيرا وتأثرا في الساحل الغربي..
تلك الأحداث المركبة معطيات واقعية لقرار السعودية بتعليق تصدير خام النفط عبر مضيق باب المندب «حتى يصبح المضيق آمنا» وفقا لما أعلن عنه وزير الطاقة السعودي، غير أن ربط السعودية عودة التصدير بتأمين المضيق يحمل رسائل سياسية تتضمن في داخلها عوامل ضغط على المجتمع الدولي لدعم التحالف عسكريا، أو على الأقل الكف عن معارضة عملية الحديدة وإعطاء التحاف مزيدا من الفرص والحرية لمهاجمة المدينة وتوسيع مسرح العمليات القتالية في الساحل الغربي لهزيمة الحوثيين عسكريا.
وقال: «تعليق صادرات المملكة السعودية يحمل رسالة سياسية بأن الساحل الغربي غير مستقر وهي دعوة خفية للكبار بالتدخل وفرصة سعودية لتحقيق مشروعها في حضرموت وشبوة والمهرة بحجة أن الساحل الغربي غير مستقر».
وأضاف: «المملكة السعودية لديها أطماع، وأطماعها لن تتحقق إلا بتكديس الفوضى بالساحل الغربي، وهذه الفوضى ومليشياتها التي يحركها المال السعودي سوف تكدسها في الثلاثي الأضلاع (عدن، لحج، أبين)، وهذا كفيل بإشغال الثلاثي الأضلاع بنفسه مع مليشيات مسلحة جهزها التحالف بنوعية فريدة في الاختيار، وسوف تسهل الطريق للقاعدة ودواعشها لتجميعها في تلك المناطق، وهذه الفوضى سوف تدفع بالكبار للتدخل العسكري، والكبار لن يعترضوا على تصدير نفط المملكة عبر ممر مائي من تجاه المهرة وحضرموت، وهذه مقايضة عسكرية وتجارية متبادلة بين كل الأطراف إقليمية ودولية».
الرياض إن طال تعليق صادراتها عبر باب المندب فإنها لا تزال تملك خياراً آخر يتمثل في خط الأنابيب الضخم الذي يربط شرق المملكة بغربها، وذلك لنقل النفط من الحقول السعودية على الخليج العربي إلى مدينة ينبع في البحر الأحمر، مما يغنيها عن المرور بمضيق باب المندب ويضمن وصول الخام السعودي إلى الأسواق الأوروبية، مع العلم أن خط الأنابيب شرق - غرب السعودية قادر على نقل نحو 5 ملايين برميل من النفط السعودي الخام يومياً، وهو ربما العامل الذي لم يؤثر كثيرا على أسعار الخام خلال الساعات التي تلت التعليق.. لهذا فالسعودية علقت- أو بالأحرى غيرت- خط مرور صادراتها النفطية لهدف سياسي نتائجه تتركز على تحقيق مكاسب في ملف اليمن وفي الحرب التي تقودها على وجه التحديد.
القرار السعودي وضع جهود المبعوث الأممي واحتمالات التوصل إلى تسوية على المحك، وربما سيضع دول الاتحاد الاوربي، التي انفتحت خلال الفترة الأخيرة على الحوثيين، في موقف محرج لا يستبعد أن يؤثر سلبا في الانفتاح الأوربي على صنعاء وعلى حكومة الانقاذ الانقلابية، ما يشير إلى أن السعودية أوقعت الحوثيين في مصيدة.
وقال إن استهداف ناقلات النفط في البحر «تأكيد على عدم احترام هذا التنظيم المارق للقانون الدولي.. لذلك، يتحتم الآن على مجلس الأمن ومبعوث الأمين العام الخاص إلى اليمن مارتن جريفيثس الإعلان عن تعليق المساعي الدبلوماسية وفسح المجال للتحالف والشرعية لإكمال فرض الاستقرار على كامل التراب اليمني».
وخلافا لفرضيات إعطاء التحالف مزيدا من الفرص لاستئناف معركة الحديدة والضغط على واشنطن للحصول على الدعم العسكري واللوجستي فإن استهداف الناقلة السعودية وتوقيته الذي تزامن مع مباحثات أجراها المبعوث الأممي مع كبار الحوثيين بصنعاء.. كان بإيعاز إيراني يحمل في مضامينه رسائل سياسية لا تقل أهمية عن رسائل «التعليق السعودي».. مفاد هذه الرسائل الحوثية الإيرانية أن باب المندب «ليس آمنا»، وهو ما عبر عنه قائد فيلق القدس قاسم سليماني بُعيد استهداف الناقلة، ليشير إلى أن تأمين المضيق والبحر الأحمر لن يتحقق إلا «بإرضاء الحوثيين» من خلال تسوية سياسية تضمن بقاء الجماعة الحوثية شركاء في حكم اليمن، وأن الحوثيين مازالوا أقوياء ومتواجدين على الأرض ولن ينكسروا عسكريا مهما كان التصعيد في الحديدة.