> تقرير/ وهيب الحاجب
هل يؤسس جريفيثس لحرب شمالية جنوبية سينتج عنها انفصال مأرب وصعدة؟
«مستقبل الجنوب لن يُناقش في مفاوضات جنيف وبموافقة الجنوبيين».. هذا ما قاله المبعوث الأممي مارتن جريفيثس في لقاء صحفي نشرته أمس جريدة الشرق الأوسط اللندنية، وزاد قائلا إن مسألة الانفصال ستكون جزءا من حوار يمني مع العملية الانتقالية.
ما صرح به المبعوث الأممي كشف جانبا محوريا في خطة الرجل بشأن المفاوضات التي يرتب لها وللتسوية التي يسعى إليها، وأوضح جزئية خطيرة من شأنها أن تدخل اليمن شمالا وجنوبا في دوامة ستكون من الصعب السيطرة عليها أو احتواؤها وأطرافها.
استبعاد «مستقبل الجنوب» من مفاوضات جنيف يعني اعتراف المبعوث بالفشل في مهمته لإدراكه طبيعة القضية وتركيبتها وتعقيداتها، وبالتالي استبعادها سيسهل للمبعوث التوصل إلى تسوية واتفاق بين حكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين في محاولة من الرجل للتوصل إلى ما يأمله من نجاح، ولو نسبي، يرفع من رصيده الشخصي في الأمم المتحدة كرجل دبلوماسي، إن لم يكن لمثل هذا التوجه والاستثناء رغبات دولية أو إقليمية لها مصالحها من المساومة في مستقبل الجنوب وإبقائه موحدا مع اليمن الشمالي أو دولة مستقلة.
استبعاد «مستقبل الجنوب» من مفاوضات جنيف يعني اعتراف المبعوث بالفشل في مهمته لإدراكه طبيعة القضية وتركيبتها وتعقيداتها، وبالتالي استبعادها سيسهل للمبعوث التوصل إلى تسوية واتفاق بين حكومة الشرعية والمتمردين الحوثيين في محاولة من الرجل للتوصل إلى ما يأمله من نجاح، ولو نسبي، يرفع من رصيده الشخصي في الأمم المتحدة كرجل دبلوماسي، إن لم يكن لمثل هذا التوجه والاستثناء رغبات دولية أو إقليمية لها مصالحها من المساومة في مستقبل الجنوب وإبقائه موحدا مع اليمن الشمالي أو دولة مستقلة.
تجاهل المبعوث الأممي لمستقبل الجنوب ومطالب الجنوبيين وإحالة هذه المطالب إلى حوار يمني بعد أو أثناء العملية الانتقالية هو إعادة محاولة ونسخة مكررة من مؤتمر (الحوار الوطني) الذي أثبت فشله وكان سببا للحرب.. ما يعني أن توجهات جريفيثس تؤسس لصراع دموي بين الشمال والجنوب سيكون أكثر عنفا.
الواقع في الجنوب تغير -كما قالها جريفيثس بعظمة لسانه - وبات للجنوبيين جيش وسلاح وسيطرة وقوة على الأرض ومكونات سياسية وغطاء إقليمي؛ ما يعني أن إعادة المحاولة لتمرير أي مشروع أو حلول خارج إرادة الجنوبيين على غرار الحوار الوطني ستكون نتائجه كارثية على الشمال وعلى وحدة الشمال الذي بات أكثر تشظيا وانقساما بفعل عاصفة الحزم التي وحدت الجنوب، وبالتالي فإن الجنوب ليس وحده سينفصل عن اليمن الشمالي بل ستمتد (الانفصالات) إلى مأرب التي تشكل اليوم دولة داخل الدولة، وإلى صعدة الخارجة عن سيطرة الدولة اليمنية حتى أيام نظام علي عبدالله صالح الذي وحد اليمن بالحديد والنار.
استبعاد مستقبل الجنوب ومطالب الجنوبيين (الانفصال ومستقبل الوحدة) من مفاوضات تتبناها وتشرف عليها الأمم المتحدة يحمل دلالات سياسية وأبعاد تاريخية تتعلق بالصراع بين الشمال والجنوب ومواقف الأمم المتحدة من هذا الصراع، فتبني الأمم المتحدة لمفاوضات تخص العلاقة بين الشمال والجنوب، وهي هنا مطالب الجنوبيين بفك الارتباط (الانفصال)، سيجعل المنظمة الدولية ملزمة على النظر في قراراتها الصادرة بهذا الشأن، وأهمها قرارا مجلس الأمن الدولي 924، 931 اللذين صدرا في حرب احتلال الجنوب في العام 1994م ونص صراحة على عدم فرض الوحدة بالقوة، ما يعني أن الأمم المتحدة ستكون في موقف محرج أمام مطالب الجنوبيين، وسيكون موقفها متناقضا بالنظر إلى القرار 2216 الذي نص على ضمان وحدة اليمن، لهذا يبدو أن السيد مارتن جريفيثس أحال مستقبل الجنوب ومصير الجنوبيين إلى حوار يمني لن يزيد الوضع في اليمن والمنطقة إلا تأزما وتعقيدا.
موافقة الأطراف الجنوبية على استبعاد قضيتهم من مفاوضات جنيف، وفقا لما قاله جريفيثس، لا يخرج عن احتمالين عند الاستدلال بالمنطق السياسي، فإما أن يكون المبعوث الأممي قدم ضمانات للجنوبيين بتقرير مصيرهم أو منحهم الانفصال بمفاوضات يمنية (شمالية جنوبية) مقابل أن يسهلوا له التوصل إلى تسوية واتفاق بين الحكومة والحوثيين وإيقاف الحرب ليقول إنه نجح في مهمته التي فشل بها مبعوثان سابقان، وأما أن الجنوبيين الذين وافقوا على استبعاد مستقبل الجنوب.. هم من جنوبيي الشرعية الذين تفرضهم الحكومة اليمنية وتنصبهم أوصياء على إرادة شعب الجنوب كما حصل في الحوار الوطني.