> إعداد/ عمر أحمد*
المعونة تغذي الصراع
أشار «مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية» إلى أن منظمات الإغاثة «تناضل من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية المذهلة في اليمن، لكنها في المقابل تصارع على نحو متزايد مع الكيفية التي يمكن أن يؤدي بها تسليم المساعدات إلى عدم تعقيد أو حتى إطالة أمد الأزمة الإنسانية في خضم الحرب الدائرة في البلاد»، مؤكداً أن مقدمي المعونة «ليسوا دائماً في وضع جيد لفهم كيف تؤثر أفعالهم على توسعة الصراعات، لكنهم يدركون أنهم يفعلون ذلك».
وبيّن المركز أنه في الوقت الذي «يُجاهد عمال الإغاثة لدفع ميزة صنع السلام عبر الإغاثة العاجلة، فإنهم حريصون أيضاً على ضمان أن لا تكون أعمالهم سبباً في زيادة وتيرة الحرب والمعاناة الناتجة عنها»، لافتاً إلى أن أطراف الصراع في اليمن «يستخدمون المساعدات لتعزيز مصالحهم الخاصة، إما غير مبالين أو معادين لمصالح السكان المدنيين».
وأوضح أنه «على الرغم من أنه لا توجد أكثر من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة سخاءً في تقديم المعونة لليمن خلال العام المنصرم، فإن هذين البلدين متهمان بالتسبب في الكثير من بؤس اليمن الحالي، حيث أن معركتهما ضد الحوثيين، دفعت عشرات الآلاف من اليمنيين لترك منازلهم، وأعاقت التجارة.
جزء من المعادلة
وأكد المركز أنه «في السياق اليمني، حيث تنخفض واردات الغذاء والوقود، وارتفاع الأسعار، مع قلة الأموال، أصبحت المعونة دائما جزءاً من معادلة الصراع»، موضحاً أن ذلك «يتم بعدة طرق منها قيام الجهات المحلية التي تتصارع فيما بينها من أجل السيطرة على الموارد، بتوزيعها، ومكافأة مؤيديهم، وإضافة المزيد إلى الخزائن الخاصة لقياداتها».
وبيّن أن كل منظمة إنسانية «تحتاج إلى مجموعة من الشركاء المحليين»، لكنه تساءل عن «من هم هؤلاء الشركاء؟ وما هي الروابط التي تربطهم بالمقاتلين؟»، مؤكداً أن ذلك «ليس واضحاً دائماً، لكون العاملين في المجال الإنساني لا يستطيعون غالباً توزيع الإمدادات في المناطق التي تسيطر عليها إحدى القوى العديدة في اليمن، من دون الاعتماد بشكل ما على حلفاء أقوياء في تلك المنطقة»... وأوضح أن ذلك «يرجع جزئياً إلى أن القوى المسيطرة على منطقة ما، قد تعيق توزيع تلك الإمدادات إذا لم تضمن استفادة أتباعها منها، فضلاً عن أن بعض القوى المسلحة قد تفرض رسوم عبور أو توزيع، مما يضعها في مكان ما بين الضرائب والرشاوى».
غارات بنتائج عكسية
واعتبر المركز «استهداف التحالف للموارد في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بهدف إغراء اليمنيين لطرد الحوثيين منها، قد يأتي بنتائج عكسية في المجمل، حيث من الممكن أن تزيد تلك من تمكين الحوثيين في تلك المناطق، في حال باتوا المصدر الوحيد للحصول على الطعام والوقود والماء هناك».
وذهب المركز إلى القول: «تقدم اليمن سلسلة من المشاكل غير المحبذة، لكن واحدة من أصعبها، هي اختيار أفضل طريقة لتوزيع المساعدات، خاصة عندما تتداخل الأزمات الإنسانية والسياسية، ولا توجد طريقة للفصل بين الاثنتين»، مضيفاً «يلتزم العاملون في المجال الإنساني بتوفير الإغاثة من العلم بوجود معاناة، ومع ذلك فهم يدركون بشكل متزايد أن هناك ظروفا قد تؤدي في الواقع إلى إطالة أمد النزاع وزيادة المعاناة بشكل عام».
واعترف المركز بأنه «لا يمكن إنكار حجم ونطاق المساعدات التي وعد بها التحالف الذي تقوده السعودية لليمن»، مشيراً إلى أنه «مع ذلك، فقد تم انتقاده بشكل حاد لاستخدامه مساعدته لتعزيز أهدافه في الحرب»، ولفت في الوقت نفسه إلى أن «التحالف لم يكن الطرف الوحيد الذي يستخدم المساعدات لتعزيز أهدافه، حيث إن الطرف الثاني في الصراع، وهو (الحوثيون)، سعى إلى منع المساعدات من الوصول إلى الأشخاص النازحين داخلياً الذين فروا من الحديدة، كما أن أحد عمال الإغاثة أفاد مؤخراً بأن الحوثيين منعوا فريق التقييم من فهم الاحتياجات الملحة لإحدى المناطق، ما لم يتم تقديم مساعدة فورية لحلفائهم».
حواجز متجذرة
وأكد المركز الأمريكي أن العاملين في المجال الإنساني في اليمن «يواجهون عدداً من العقبات، حيث الكثير منها متجذر في اليمن نفسه، كالبنية التحتية الضعيفة، والقدرة المحلية غير المتساوية، والفساد المستشري»، معتبراً أن جميعها «ساهمت في فقر اليمن قبل اندلاع الحرب، التي جعلت تلك العقبات أكبر وأكثر تعقيداً».
وأوضح أنه وعلى نحو متزايد «يناقش العاملون في المجال الإنساني في اليمن أهمية أن تراعي التدخلات ظروف النزاع»، مشيراً إلى أن ذلك قد «نشأ من أشخاص يعملون على منع نشوب الصراعات، وبناء السلام، مع ضمان عدم تأثير دخول المساعدات الإنسانية بشكل سلبي على العمل الذي قاموا به في مناطق النزاع».
أهداف سياسية
كما أشار المركز إلى أن من بين العقبات التي تعيق تنفيذ تدخلات مراعية لظروف النزاع في اليمن، هي «مساءلة الجهات المانحة، حيث يصر المانحون بشكل مفهوم على المتطلبات الصارمة لإعداد التقارير والرصد التي تكون منطقية في مدن العاصمة، ولكنها قد تكون غير عملية أو حتى تأتي بنتائج عكسية في خضم مناطق النزاع، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للمواقف السياسية للمانحين أن تفرض حدوداً غير مقصودة، أو مقصودة في بعض الأحيان على تقديم المساعدة الإنسانية».
التجار الجدد
وفي السياق، كشف المركز عن أن هناك «عقبة أخرى ظهرت في اليمن، حيث أنتجت الحرب مجموعة من المستفيدين غير مبالين بالنتائج السياسية»، مبيناً أنهم «سوف يتكيفون مع أي ظرف في السعي وراء المال، ويكمن اهتمامهم في إطالة أمد الصراع، وبالتالي سيشكلون عقبة دائمة أمام جهود حل النزاعات ومجتمعات المساعدات الإنسانية على حد سواء»... وشدد على ضرورة «إشراك البعض منهم في أي عملية لحل الأزمة اليمنية، ووجوب إضعاف البعض الآخر».
تجاوزات
وفي سياق آخر، لفتت مؤسسة «صوفان جروب»، المتخصصة بتقديم الخدمات الاستخباراتية والأمنية والإستراتيجية للحكومات والمنظمات متعددة الجنسيات، إلى أنه «ومنذ أن بدأ النزاع في اليمن العام 2015، كانت الفظائع التي ارتكبت في سياق حرب اليمن معروفة جيدا للمجتمع الدولي»، مؤكدة أنه «وبعد ثلاث سنوات، قد يكون هناك أخيرا ضغط كافٍ لإنهاء النزاع المميت».
* عن (العربي)