> التقاه/ مختار مقطري

عمرو جمال، فنان أحبه كثيرا، وأحب فنه كثيرا، ويدهشني فيه إصراره على تجاوز الصعاب والعراقيل، وعدم الاعتراف بوجودها، أو هو يتجاهلها وهو مقدم على عمل فني جديد، سواء كان مسرحا أو تلفزيون وأخيرا سينما، فهو يعرف كيف يرضي المتلقي، في الشكل والمضمون، (10 أيام قبل الزفة).. أول فيلم سينمائي من إخراجه، حقق نجاحا جماهيريا كبيرا، لم يحققه إلا عدد قليل من الأفلام العربية والأجنبية، لكن فيلمه يمتاز بأنه فيلم محلي الصناعة، وهي جرأة فنية، لم تمتلكها وزارات ولا فنانون كبار، وما قدم من قبل لم يحقق النجاح الجماهيري، والتوافق بين الهدف الفني والتفوق في صناعة فيلم سينمائي جميل وجذاب، لا أدري ماذا أسأل عمرو جمال حول هذا الفيلم، ولكني سأسله.
عمرو جمال
عمرو جمال

* كيف ومتى واتتك فكرة تقديم هذا الفيلم؟ ألم تخش من الفشل في ظل معوقات صعبة وكثيرة؟
- الفكرة ولدت من رحم الإحساس بالعجز، ثلاث سنوات من الانفلات الأمني، والخوف من تقديم عروض مسرحية في سينما هريكن، كما تعودنا بسبب موقعها، ولأنها قاعة مفتوحة ومن المقلق إقامة العرض فيها، خوفا من أي تهديدات، كذلك تعرضنا للإحباط بعد تجهيزنا لعمل تلفزيوني ضخم تمت كتابته في 8 أشهر، ولكن إفلاس القنوات التلفزيونية أوقف العمل، كل هذا الإحباط وضعني أمام تساؤل هل أتوقف واستسلم أو أستمر، عرض علي الفكرة صديقي وشريكي في العمل المنتج المنفذ محسن الخليفي، وشاركنا الحلم الكاتب ورفيق الدرب مازن رفعت، وقررنا أن نخوض أكبر تحد فني في أسوأ ظرف لنرمم أرواحنا.. وقد كان.

* هل كنت تتوقع كل هذا النجاح الجماهيري بعد أكثر من عشرين عاما على انفصام العلاقة بين السينما والجمهور بعدن؟
- ردود أفعال الناس كانت مفاجأة كبرى لنا، لم نتوقع كل هذا النجاح الكبير، العروض كانت مكتملة العدد ومحجوزة لعدة أيام مسبقا، وهو شيء غير مسبوق إطلاقا، فقد تحدينا أنفسنا بتجهيز قاعتي عرض، وفي كل قاعة 4 عروض، أي بواقع 8 عروض يوميًا، وكل العروض شبه مكتملة، مما اضطرنا لإضافة عرض تاسع إضافي في فترة العيد. 

تدفق الجمهور كان معجزة حقيقية خصوصا بعد (البروباغاندا) السيئة عن الوضع الأمني في عدن طوال السنوات الثلاث الماضية بعد الحرب، ولكن الناس تحدت المخاوف لتثبت أن أبناء عدن يحبون الحياة والفعاليات الثقافية ويسعون لتطبيع الحياة.
بفضل الجمهور مازالت عروضنا مستمرة حتى اليوم.

* واجهتك صعوبات ولا شك أثناء صناعة الفيلم.. ما هي؟
- أبرز العوائق أنها كانت لدينا مخاوف كبيرة بسبب الأخبار المستمرة حول الوضع الأمني المتردي في المدينة، وهو السبب في توقف العروض المسرحية وتصوير المسلسلات الدرامية في عدن في السنوات الماضية، ولكننا قررنا تحدي الوضع وتصوير الفيلم، وفوجئنا بكمية الترحاب من الشارع في عدن، الكل دون استثناء احتضننا بشكل غير مسبوق، وتم تذليل كل الصعاب لنا حتى الناس كانت تقدم الماء والعصائر لفريق العمل من منازلها أثناء التصوير في الشارع.

عوائق أخرى أبرزها التمويل حيث إن الدولة والتاجر في اليمن لا يؤمنون بدعم الفنون وحصولنا على تمويل متواضع أخذ منا مجهودا خارقا، والشكر كل الشكر للرعاة الذين آمنوا بفيلمنا وجعلوا الحلم حقيقة.
كذلك عانينا من العوائق التي يعاني منها كل الشعب، انهيار الخدمات العامة، الكهرباء التي تنقطع أكثر من نصف اليوم، اضطرارنا للتصوير باستخدام مولدات تحتاج للديزل وسط معاناة في انعدام المشتقات النفطية بين وقت وآخر، انهيار شبكات الاتصالات كانت عائقا كبيرا يحول دون تواصلنا مع الممثلين وطاقم العمل مما كان يؤخر جداول العمل.

* كم كاميرا استخدمت للتصوير؟
- كعادة كل الأعمال السينمائية تم استخدام كاميرا واحدة، وتم الاستعانة بكاميرا أخرى في مشاهد قليلة كانت تطلب استخدام كاميرا ثانية لاختصار الوقت.
* كيف كانت مشاعرك وأنت ترى الفرحة والرضا على وجوه الجمهور الخارج من قاعة العرض؟
- شعور لا يوصف، محبة جمهور عدن والسعادة على وجوههم واحتضانهم لي عند خروجهم من قاعة العرض يمثل لي أهم شيء في هذه الحياة.

* تردد أن الفيلم سيعرض في دول عربية قريبة، ما صحة ذلك؟ وهل من مشاركة في مهرجان دولي؟
- هناك تواصل مع شباب في عدة دول عربية وأوروبية لعرض الفيلم ومازلنا في طور الترتيبات.

وهناك تواصل من بعض المهرجانات ولازلنا ندرس الخيارات الأفضل، خصوصا أن بعض مهرجانات تمانع المشاركة في مهرجانات أخرى قبلها، لذا قررنا التأني لاتخاذ القرار الأسلم.
* لم أسمع حديثا عن المنتج، الذي يستحق الإشادة والشكر والتقدير، حدثنا عنه.

- المنتج للعمل هو شركة عدنيوم بروديكشنز – Adenium Productions، وهي شركة إنتاج فني شراكة بيني وبين صديقي محسن الخليفي.
 * هل القادم سينما أو مسرح أو تلفزيون؟
- القادم هو التركيز في تسويق (10 أيام قبل الزفة)، وبعدها المسرح أو السينما هما هدفي،  وسأهجر التلفزيون تدريجيا لأني لا أحبه، وأعتبره استنزافا وإحراقا للفنان وهو مجال لا تاريخ له.

* هل كان المنتج سخيا؟
- الإنتاج كان لشركتنا عدينيوم برودكشنز، واستطعنا إنتاج العمل عبر التعاقد مع رعاة بفكرة (الدعم مقابل الإعلان)، وقدم الرعاة شاكرون تمويلا معقولا ساعدنا كثيرا في تحقيق الحلم.
* قمتم بتكريم بعض رعاة الفيلم، من المقصود بميم الجمع، هل هي فرقة خليج عدن؟
- لا.. العمل لا يتبع فرقة خليج عدن المسرحية، بل شركة عدينيوم برودكشنز والشركة قامت بتكريم رعاتها على دعمهم لنا ولإنجاح هذا المشروع.

* هل تم تكريمك من قبل بعض الجهات؟ أم هناك نيات لم تصدق بعد؟
-حتى الآن هناك وعود بالتكريم من عدة جهات مشكورين، والتكريم الأكبر كان تكريم الجمهور لنا من خلال حضورهم والحب الكبير الذي أغدقونا به.

* كيف ترى اهتمام وسائل الإعلام وبالذات الصحافة الفنية بعرض الفيلم ونجاحه الفني الكبير؟
- وسائل الإعلام والصحافة لم تقصر وواكبتنا خطوة بخطوة وأجد نفسي وفريقي محظوظين بمحبة الأسرة الإعلامية في عدن فتجد الكل يتداعى لدعمنا، ولكن أعتقد أن التغطيات الصحفية  أكثر نشاطا من الصحافة الفنية في بلدنا ومع ذلك لم يقصر من استطاع.

* إن كان لك ثمة عتاب، فلمن توجهه؟
- لا أحب العتاب وأفضل دوما التماس العذر للجميع.

* بكل شجاعة، حدثني عن بعض السلبيات الفنية في الفيلم.
- أبرز سلبياتنا هي الفقر في بعض العناصر الفنية كالإضاءة مثلا، فالبلد يفتقر إلى فني الإضاءة المتخصص الذي يضيف عمقا وفلسفة للصورة، لذا نعتمد على العفوية والبساطة في الإضاءة، كذلك تقنيات الصوت فقيرة لأن تصميم الصوت عملية كبيرة ومكلفة وتحتاج وقتا وإنتاجا كبيرا.

* وفي الأخير؟
- في الأخير أحب أن أشكر أستاذي مختار مقطري على هذا اللقاء، فأنا أتشرف دوما بأن يحاورني اسم مهم مثله، له تاريخ كبير في الصحافة الفنية، فهذا اللقاء يضيف لرصيدي الفني الكثير، وأشكر صحيفة «الأيام» التي دعمت فيلمنا إعلاميا وهو شيء ليس بغريب عن مطبوعتنا العدنية الداعمة لكل جميل في هذه المدينة العظيمة.​