> ميديا حنّان*
إن الأزمة اليمنية معقدة التركيب ومتداخلة الأطراف تتكون من شقين داخلي وخارجي، الشق الأول يتمثل بالصراع على السلطة بين القوى اليمنية، والثاني يتجسد بالتناقضات والصراعات الإقليمية، وخاصة بين السعودية وإيران اللتين تتنافسان على الدور الإقليمي في ظروف عملية الانتقال التدريجي إلى النظام الدولي الجديد المتعدد الأقطاب.
وازدادت تعقيدات الأزمة اليمنية في سبتمبر 2014 بعد سيطرة القوات الحوثية على العاصمة صنعاء وهروب الرئيس عبد ربه منصور الهادي بعدما أجبر في يناير على التنحي وانتقل في البداية إلى عدن جنوب اليمن وبعد اقتراب الحوثيين من المنطقة توجه إلى السعودية بداية عام 2015.
الحوثيون.. أحد أهم أطراف الصراع
يعد الحوثيون حركة مناهضة للحكومة اليمنية ومقربة من إيران وتتخذ من محافظة صعدة شمال اليمن مركزاً لها، وسميت بالحوثيين نسبة إلى مؤسسها حسين الحوثي الذي قتل على يد القوات اليمنية عام 2004، وتطلق الحركة على نفسها اسم «أنصار الله».
الموقف الخليجي والإيراني من الأزمة اليمنية
مارست الدول الخليجية في بداية المواجهات العسكرية بين الأطراف اليمنية، موقفاً محايداً نتيجة اعتقادها بأن الصراع لن يخرج عن الساحة اليمنية وستنحصر الحرب بين مسلحي حزب الإصلاح وجماعة أنصار الله، وهذا ما سيؤدي حسب هذا الاعتقاد إلى إضعاف الإسلام السياسي وعلى وجه التحديد حزب التجمع اليمني للإصلاح المتهم بقربه من الإخوان المسلمين خاصة بعد ما نجح هذا الحزب الذي يملك حضوراً كبيراً في مختلف مناطق اليمن، في تجنيد الآلاف من أنصاره داخل الهيئات الحكومية المختلفة، بما في ذلك وزارتا الداخلية والدفاع وهيئات الحكم المحلية.
وفي الوقت نفسه إضعاف جماعة أنصار الله لما لها من ارتباطات أيديولوجية وسياسية بإيران، إلا أن انسحاب حزب الإصلاح من المواجهة العسكرية أثناء اجتياح صنعاء من قبل جماعة أنصار الله غير المعادلة التي كانت تراهن عليها الكثير من الأطراف السياسية الداخلية والخارجية ومكّن أنصار الله في نفس الوقت بكل سهولة من انتزاع السلطة والتوسع في مناطق عدة باليمن.
إيران حاولت قدر الإمكان استغلال بقاء اليمن خارج منظومة دول مجلس التعاون الخليجي والظروف اليمنية المشحونة بالصراعات العقيمة، لتوسيع نفوذها وخلق مجال سياسي جديد من النفوذ في المنطقة إلى جانب نفوذها في العراق وسوريا وجنوب لبنان، فقدمت إيران الدعم السياسي والدبلوماسي وإلى حدٍ ما العسكري لجماعة أنصار الله كأقلية مذهبية لها مظالم في اليمن ولها بعض الخلافات العقائدية مع المذهب السائد في المملكة العربية السعودية.
هذه التطورات واقتراب القوات الحوثية من الحدود السعودية، دفعت الدول الخليجية لإعادة حساباتها وتمكنت على الرغم من خلافاتها من اتخاذ القرار بالتدخل العسكري تحت مظلة ما يسمى التحالف العربي باستثناء قطر وعمان.
الوساطات الدولية لحل الأزمة اليمنية
وتركزت جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة بشأن الأزمة اليمنية على العمل لوقف إطلاق النار بين الحكومة اليمنية والقوات الحوثية، وقد عمل المبعوث الأممي إلى اليمن السابق «إسماعيل ولد الشيخ أحمد» على أساس أنه بمجرد الاتفاق على حل وسط مؤقت، فإنه يمكن التوصل إلى حل سياسي مستدام.
وخلال الأعوام الماضية تدهور الوضع على الأرض بشكل دراماتيكي، حيث اليوم هناك ما يقارب 7 ملايين يمني تحت خطر المجاعة، كما مات الآلاف منهم بالفعل خلال أسوأ انتشار للكوليرا في التاريخ. وعلى الرغم من أن الأزمة تزداد سوءاً، إلا أن الجهود لإيقاف القتال تظهر بشكل ضئيل.
تعقيدات إضافية لحل الأزمة اليمنية
لم تشمل المفاوضات التي جرت، مشاركة وفود من معسكري هادي أو صالح. وبالتالي، عندما حاول السعوديون تمرير عصا السلطة إلى حكومة هادي من أجل متابعة المفاوضات في الكويت، تبدد الزخم. وربما كرد على استبعاده، عيّن الرئيس هادي عدواً حوثياً بارزاً، هو الجنرال علي محسن الأحمر، كنائب للرئيس قبل أسبوع من افتتاح المحادثات الكويتية، مما ساهم في انهيارها في نهاية أغسطس 2016. وبعد شهرين من ذلك التاريخ، رفض هادي خطة الأمم المتحدة الجديدة، وبذلك فشل الجهد الأخير الذي بذله وزير الخارجية الأمريكي المنتهية ولايته آنذاك جون كيري في ديسمبر.
تعنت الحوثيين
بالنظر إلى سجل المباحثات السابقة التي تم إجراؤها بين الأطراف اليمنية على مدى 3 سنوات، والتي انتهت جميعها بالفشل، بسبب إصرار الحوثيين على شروطهم التي تشرعن الفعل الانقلابي، لم تتوصل جميع تلك المفاوضات إلى أي نتيجة تذكر سوى أنها أعطت هامشاً للمناورة السياسية وكسب الوقت، وفي بعض الأوقات ساهمت في تعقيد الوضع أكثر مما هو عليه، كون الحوثيون يراهنون على الحل العسكري وإطالة أمد الحرب وإنهاك التحالف والسعودية على وجه الخصوص في حرب ثقل كاهلها مالياً وعسكرياً.
ضغط في الملف الإنساني
ويأمل الحوثيون في المزيد من الضغط الدولي على التحالف العربي لإنهاء الحرب في اليمن عن طريق الملف الإنساني وإظهار زيادة كبيرة لعدد الضحايا المدنيين الناجم عن قصف طيران التحالف العربي التي كانت آخرها استهداف حافلة ركاب بمحافظة صعدة التي تسببت بمقتل قرابة 47 شخصاً معظمهم من الأطفال إضافة إلى عشرات الجرحى.
لا إمكانية لنجاح المباحثات
ومن هنا فقد أدلى المبعوث الأممي لدى الأمم المتحدة مارتن جريفيثس الذي يعد ثالث مبعوث خاص للأمم المتحدة إلى اليمن منذ بدء الصراع في 2015، قبل أسابيع ببيان أشار فيه إلى أن المباحثات ستركز على جملة من القضايا العالقة في الملف اليمني، وتتضمن اتفاقاً لنقل السلطة إلى حكومة وحدة وطنية تمثل فترة انتقالية ونزع السلاح من الحوثيين، حيث قال: «بشكل أساسي، نحن نحاول أن نتوصل إلى أن تتفق حكومة اليمن وأنصار الله على القضايا الضرورية لوقف الحرب والاتفاق على حكومة وحدة وطنية بمشاركة الجميع».
* وكالة أنباء هاوار