> «الأيام» عن «كيو بوست
بعد أن رجحت التقارير الميدانية اقتراب انهيار الحوثيين في المدينة، أعلن التحالف العربي عن توقف العملية العسكرية الواسعة التي بدأت مطلع الشهر الجاري لاستعادة مدينة الحديدة الإستراتيجية من قبضة جماعة الحوثيين المدعومة من إيران.
إنها معركة الحديدة التي تستعصي على الحسم لأي طرف منذ أكثر من عام على بدء قوات التحالف بضرب الحوثيين في المدينة وأطرافها.
ما الذي حدث؟
في وقت حدثت انشقاقات بارزة داخل جماعة الحوثيين في مدينة الحديدة، ما مهد الطريق لتحقيق تقدم سريع لقوات الجيش الوطني اليمني ضد مسلحي الجماعة في المدينة، جاء إعلان توقف إطلاق النار.
وكان وزير التدريب الفني والتعليم المهني في حكومة الميليشيات الحوثية محسن النقيب أعلن انشقاقه، بعد أيام من انشقاق وزير إعلام الجماعة عبد السلام جابر ووصوله إلى الرياض.
وقبل ذلك، كشف مصدر عسكري أن القوات اليمنية المشتركة تواصل عمليات تحرير ميناء ومدينة الحديدة بوتيرة عالية، وفقًا للخطة العسكرية.
والعملية كانت تصب في اتجاه هزيمة الحوثيين، ولعل هذا ما دفع باتجاه الاستغراب من وقف إطلاق النار المفاجئ.
لماذا أوقف إطلاق النار؟
في تأكيد جديد، أوردت وكالة رويترز العالمية أن التحالف العربي بقيادة السعودية أمر بوقف الحملة العسكرية التي تستهدف الحوثيين في الحديدة، بهدف إتاحة الفرصة لعقد محادثات سلام.
وأعلنت الإمارات، العضو الرئيس في التحالف، تأييدها لإجراء محادثات سلام يمنية اقترحتها الأمم المتحدة في السويد قبل نهاية العام، إلا أنه في مناسبات سابقة لم يقبل التحالف بالهدوء في جبهات أقل أهمية، فكيف والأمر يتعلق بحسم جبهة تعد الأهم على صعيد الحرب ضد الحوثيين في اليمن؟ هنا، يعود للمشهد الموقف الأمريكي الذي أعلن مؤخرًا بضرورة وقف الحرب في اليمن.
ويحاول مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن مارتن جريفيثس إنقاذ المحادثات بين الأطراف اليمنية المتحاربة بعد انهيار الجولة الأخيرة في سبتمبر بعدم حضور الحوثيين.
هذه المرة لا يمكن الجزم بمواصلة الحوثيين رفض الشروط، وهذا يرجع للتطورات العسكرية الأخيرة، وإدراك الجماعة أن استئناف الخيار العسكري قد يدفع بها خارج الحديدة، وتباعًا المدن الأخرى.
في صالح من؟
يرى مراقبون أن وقف القتال جاء لصالح الطرف الأضعف عسكريًا، أي الحوثيين بالدرجة الأولى.
“هل يمكن لقوى "الشرعية" وتلك التي تدعمها من "حراس الجمهورية" و"ألوية العمالقة" تحقيق حسم في الحديدة في غضون شهر؟ في غياب الحسم، سيكون الوضع صعبًا ومعقّدًا في آن. هذا يعود إلى أنّ هناك رغبة دولية في بلوغ تسوية في اليمن مع ما يعنيه ذلك من قبول بوجود كيان للحوثيين في الشمال”
ويرى سياسيون أن مهلة الشهر من أجل حسم وضع الحديدة تذكر بتلك المهلة التي أعطيت لعلي عبد الله صالح في العام 1994. “كان ذلك عامًا مفصليًا بالنسبة إلى اليمن بعدما قرّر الحزب الاشتراكي، الشريك في السلطة، العودة عن الوحدة. كانت هناك جهود دولية وإقليمية تصبّ في دعم الانفصال في اليمن، لكنّه كان هناك في الوقت ذاته تواطؤ لدول كبرى مع الرئيس اليمني، وقتذاك، الذي كان مصرًّا على استمرار الوحدة والدفاع عنها، عن حقّ أو غير حقّ. كانت كلمة السرّ أنّ عليه حسم الأمر مع خصومه بسرعة. إذا لم يفعل ذلك، سيتوجب عليه التعاطي مع الوضع اليمني المستجد، أي مع الانفصال”.
ويرى المحلل السياسي خيرالله خيرالله أن “ما يمكن أن يحصل في العام 2018، في حال عدم حسم معركة الحديدة، أسوأ بما كان يمكن أن يحصل في العام 1994، حين كان لا يزال هناك أمل باستعادة الجنوبيين دولتهم، ومباشرة تجربة جديدة قد تنجح أو تفشل في الاستفادة من الأخطاء الضخمة التي وقعت بين 1967، أي منذ إعلان الاستقلال، وقيام دولة الوحدة في 1990. هناك بكل بساطة، في هذه الأيّام، تواطؤ لقوى معيّنة مع الحوثيين بغية تمكينهم من وضع يدهم على جزء من اليمن، وذلك بغض النظر عن الخطر الذي يشكلونه على الأمن الإقليمي”.
ويبدو أن هذا الخيار قد يتعزز في المفاوضات التي من المرتقب أن يبدأها مجددًا المبعوث الأممي، وهذه المرة بدعم وتوجه أمريكي جديد، يصب تجاه إنهاء الحرب كليًا.