> الخرطوم «الأيام» ا.ف.ب والوكالات
يشهد السودان على مدار اليومين الماضيين حراكاً سياسياً وأمنياً كبيراً بشأن عملية التحول السياسي في البلاد بعد مرور شهرين على التظاهرات ضد الرئيس عمر حسن البشير، فيما لا يزال الموقف غامضاً حول موقف الرئيس منه.
█ البشير قد يختار التصعيد
ومع غموض موقف البشير من تلك الصفقة، فإن الإجراءات التي اتخذها مؤخراً ترجح التصعيد وعدم قبوله بالعرض، خاصة في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية لعدم محاكمة الرجل أمام الجنائية الدولية بعد انتهاء العام، وكذلك الغموض حول مستقبل البلاد عقب رحيله.
وقال البشير في خطاب توجه به الى الأمة من القصر الرئاسي في الخرطوم: «أُعلن فرض حالة الطوارىء في كل أجزاء البلاد لمدة عام».
وكانت التظاهرات قد بدأت في 19 ديسمبر احتجاجا على رفع الحكومة سعر الرغيف ثلاثة أضعاف، وسرعان ما تحوّلت إلى احتجاجات تخللتها مواجهات دامية ضد نظام البشير الذي يحكم البلاد منذ ثلاثة عقود.
وفي رد على الخطاب أكد تجمع المهنيين السودانيين، وهو الجهة المنظمة للاحتجاجات في السودان، أن التظاهرات ستستمر حتى يتنحى الرئيس البشير عن الحكم الذي يتولاه منذ 1989.
وفي وقت متأخر، أمس الأول الجمعة، خرجت تظاهرة في شوارع أم درمان، لكن سرعان ما واجهتها شرطة مكافحة الشغب بالغاز المسيل للدموع، وفق شهود.
█ التحدي الأخطر
وبالرغم من الاحتجاجات بقي البشير صامدا في وجه الدعوات المطالبة بتنحيه.
وتقول السلطات إن 31 شخصا قتلوا منذ ذلك الحين، في حين تتحدث منظمة «هيومن رايتس ووتش» عن 51 قتيلا بينهم أطفال وأفراد في طواقم طبية.
وقاد البشير، البالغ 75 عاما، انقلابا سلميا عام 1989 ضد الحكومة المنتخبة ديموقراطيا برئاسة الصادق المهدي. ودعمته حينها الجبهة الإسلامية القومية بقيادة حسن الترابي الذي توفي في 2016، بعد أن أصبح من أشد معارضي البشير.
█ وضع صعب
وأعلن البشير في خطابه الجمعة أنه طلب تأجيل اجتماعات لجنة برلمانية مخصصة للنظر في تعديل دستوري يسمح له بالترشح لولاية رئاسية ثالثة، دون أن يعطي تفاصيل أكثر.
وطالما شكلت المصاعب المالية في السودان عامل إحباط شعبي، قبل أن ينفجر الغضب في الشارع بعد ارتفاع أسعار الخبز.
وقال البشير في خطابه أمام مستشاريه وأعضاء حكومته المقالة: «بلادنا تجتاز مرحلة صعبة ومعقدة هي الأصعب في تاريخها الوطني».
واجتذبت التظاهرات في السودان كافة فئات المجتمع، من الطبقة المتوسطة إلى المهنيين والعمال الزراعيين والشباب ومعارضي البشير وحتى النساء شاركن فيها.
ويتحدى الرئيس السوداني أيضا منذ سنوات المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت في حقه مذكرتي توقيف.
ويحدد نص الوثيقة خطة لما بعد حكم البشير، من بينها إعادة بناء السلطة القضائية ووقف التدهور الاقتصادي الذي يعتبر السبب الرئيسي للاحتجاجات.
وواجه البشير الاحتجاجات ضده بتظاهرات مؤيدة لحكمه، وعد خلالها بتنمية اقتصادية في البلاد والدفع باتجاه إحلال السلام في المناطق التي تشهد نزاعات.
وبحسب موقع هيئة الإذاعة البريطاني بي بي سي فإن اجتماعاً سرياً عقد بين ممثلي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن بشأن إيجاد خروج آمن للرئيس السوداني وتعليق قرار القبض عليه من قبل المحكمة الجنائية الدولية لمدة عام قابلة للتجديد. لكن وبحسب الموقع البريطاني فإن البشير لم يقبل أو يرفض هذا العرض، فيما يقوم بمناورة لإيجاد طريقة أمثل دون خسائر له، فيما يرجح البعض أن البشير لن يقبل هذا العرض ولن يترك السلطة قريباً. هذه الصفقة جاءت برعاية أمريكية، خاصة في الوقت الذي يزور فيه مدير شؤون إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي، سيريل سارتور، الخرطوم، محذراً السودان من استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين معتبراً أن هذا الشيء قد يهدد المحادثات لشطب السودان من قائمة واشنطن للدول الراعية للإرهاب.
ومع غموض موقف البشير من تلك الصفقة، فإن الإجراءات التي اتخذها مؤخراً ترجح التصعيد وعدم قبوله بالعرض، خاصة في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية لعدم محاكمة الرجل أمام الجنائية الدولية بعد انتهاء العام، وكذلك الغموض حول مستقبل البلاد عقب رحيله.
حيث أعلن الرئيس السوداني عمر البشير الجمعة(أمس الأول) حل الحكومة وفرض حال الطوارىء في كل أنحاء البلاد، بعد أكثر من شهرين من التظاهرات والتحرك الاحتجاجي ضد الحكومة المطالب بإسقاط النظام.
وأضاف: «أُعلن حلّ الحكومة على المستوى الاتحادي وحكومات الولايات».
ونزل المتظاهرون إلى الشارع وهم يهتفون «حرية سلام عدالة»، وغالبا ما تصدت لهم القوى الأمنية التي أوقفت العديد من المتظاهرين والناشطين والمعارضين.
وقال التجمع في بيان: «ندعو الشعب السوداني إلى مواصلة التظاهر حتى تحقيق أهداف هذه الانتفاضة والتي هي تنحي رأس النظام ورئيسه وتصفية مؤسساته».
وبعد ساعات على الخطاب أصدر البشير مرسومين جمهوريين عين بموجبهما 16 ضابطا في الجيش وضابطين أمنيين كولاة جدد لولايات البلاد الـ18.
وأعلن أيضا أن خمسة وزراء من الحكومة المقالة بينهم وزراء الشؤون الخارجية والدفاع والعدل سوف يحتفظون بحقائبهم في الحكومة الجديدة.
وبالرغم من الاحتجاجات بقي البشير صامدا في وجه الدعوات المطالبة بتنحيه.
بدأت التظاهرات أولا في مدينة عطبرة الزراعية في 19 ديسمبر، وسرعان ما امتدت بشكل سريع إلى سائر أرجاء السودان لتتحول إلى تحد جدي لحكم البشير المستمر منذ ثلاثة عقود.
وشن جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني حملة لوأد الاحتجاجات سُجن على اثرها المئات من المتظاهرين وقادة المعارضة والناشطين والصحفيين.
وسبق للبشير أن أعلن حال الطوارىء في ديسمبر عام 1999، بعد الأزمة السياسية التي نتجت عن انفصاله عن الترابي.
كما أنها ليست المرة الأولى التي يشهد فيها السودان تظاهرات ضد البشير، فقد حصلت تحرّكات احتجاجية ضدّه في سبتمبر عام 2013 وفي يناير عام 2017، لكن محللين يؤكدون أن التظاهرات الأخيرة هي التحدي الأخطر الذي يواجهه.
وأعلن البشير في خطابه الجمعة أنه طلب تأجيل اجتماعات لجنة برلمانية مخصصة للنظر في تعديل دستوري يسمح له بالترشح لولاية رئاسية ثالثة، دون أن يعطي تفاصيل أكثر.
وكان حزب المؤتمر الوطني قد أجاز للبشير الترشح للانتخابات الرئاسية عن الحزب في 2020.
وتسبب التضخم ونقص العملة الأجنبية بإنهاك اقتصاد البلاد، خاصة بعد انفصال جنوب السودان عام 2011 الذي حرم الخرطوم من عائدات النفط.
وأضاف: «التحديات الاقتصادية لابد من التصدي لها بكفاءات مقتدرة، ولذا سأكلف حكومة مهام جديدة بكفاءات مقتدرة».
وبقيت فقط مناطق دارفور والنيل الازرق وجنوب كردفان التي تشهد نزاعات مسلحة بمنأى عن الاحتجاجات.
ودعا منظمو الاحتجاجات كافة الأطياف السياسية للانضمام إلى حركتهم عبر توقيع «وثيقة الحرية والتغيير».
وواجه البشير الاحتجاجات ضده بتظاهرات مؤيدة لحكمه، وعد خلالها بتنمية اقتصادية في البلاد والدفع باتجاه إحلال السلام في المناطق التي تشهد نزاعات.