> عبدالقوي الأشول
أبدع الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ في روايته الشهيرة «أولاد حارتنا»، حيث استطاع عبر رمزيته الروائية اختراق جدار الحماية للنظام الحاكم، حتى أن تلك الرواية حين قرأها الصحفي المصري الراحل محمد حسنين هيكل أدرك أنها تهاجم النظام وأن نفَسها سياسي خلاب، استطاع عبرها الأستاذ الراحل الأديب نجيب محفوظ توجيه إسقاطاته ولكن بطريقة أدبية رائعة بحكم تنوع قراءته التي استطاع عبرها تجسيد هرم روائي مصري جميل البنيان.
«أولاد حارتنا» هي دون ريب أتت من أجل مواجهة واقع الأنظمة الاستبدادية التي اختزلت كل شيء من أجل تسلطها، وهو واقع ما لبث أن تكشف وبقوة هارفة عبر ثورات «الربيع العربي» التي أماطت اللثام تماماً عن طرق حكم عتيقة بعيدة عن العصرية والديمقراطية. واقع ربما مازال يتكشف في أنحاء أجزاء وطننا العربي الذي تجاهلت شعوبها وألغت قدرات أبنائها وعقولهم بل وإبداعاتهم لتخلق ذلك الوضع المريب المحاط بحصون وقلاع عسكرية مهمتها الأساسية هي الدفاع عن نظام الحكم ناهيك عن تلك الإمكانيات الموجهة لتلميع صورة الوضع وتجسيدها كخيار لا فكاك منه وسبيلا يؤدي إلى معاني الوطنية والعدالة.
أما على الصعيد الاجتماعي بصورة عامة بإمكاننا إسقاط رموز الأديب المصري نجيب محفوظ في روايته «أولاد حارتنا» على أوضاع هي في الأصل شديدة التشابه وإن تباينت المسافات. أولاد حارتنا - إن جاز التعبير - هم في الأصل جيل واجه التهميش والإلغاء وواجه العدمية في شتى صروف الحياة، فآفاق الآمال مسلوبة أو معدومة وإن تنوعت شذرات هذا المكون السكاني أو ذاك فهي على قدر من التطابق، وهو الوضع الذي ربما خلق درجة عالية من الرفض لدى الشعوب التي أيقنت تماماً أن لا مجال للوهم بمستقبل أفضل في ظل واقعها الأليم.