> عادل المدوري

بعد أيام معدودة يحل علينا شهر رمضان المبارك ضيفاً عزيزاً وغالياً وتحل معه البركة والمغفرة والعتق من النار، شهر تزكية الأنفس وتهذيب الجوارح والأركان، وتذكير الناس بأحوال المحتاجين والفقراء والأيتام والأرامل، وما أكثرهم هذه الأيام مع استمرار الحرب والأزمة منذ سنوات.
وكالعادة مع قدوم شهر رمضان المبارك تشهد الأسواق تلاعبا بأسعار المواد الغذائية الأساسية حيث تتعدى أضعاف أضعاف ميزانية العائلة البسيطة ومستوى دخل الفرد، لأن من حيث المبدأ تعتبر الأسعار ماتزال مرتفعة أصلاً منذ أن ارتفع سعر الدولار وتجاوز حاجز الـ800 ريال يمني، ومع إن سعر صرف الدولار قد تراجع ما يقارب الـ50 % إلا أن أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية لم تتراجع بنفس النسبة لسعر الصرف الذي بسببه رفعت الأسعار، حتى أن معظم البضائع والمواد حافظت على نفس الأسعار السابقة لأعلى نقطة وصل إليها سعر صرف الدولار في تلاعب مفضوح بعيش المواطن وبدون حسيب أو رقيب.

ومع خضم حركة التسوق وإقبال الناس على شراء لبعض ما يحتاجونه لصوم شهر رمضان الفضيل نلاحظ موجة المد والجزر واستغلال إقبال الناس على الشراء وحاجة الطلب المتزايد من قبل بعض التجار الذين لا يخافون الله في خلقه، فتجد راتب الموظف الهزيل لا يغطي نصف حاجات العائلة الأساسية جداً والتي تبقيهم أحياء يرزقون، مثل الطحين والرز والسمن والصابون والشاي وغاز الطبخ، ناهيك عن إيجار المنزل وفواتير الماء والكهرباء والتلفون والخضار والفواكه واللحوم والملابس والأدوية والتي يعدها مواطنو الدول الأخرى أساسية، تعتبر عند مواطنينا الأكارم طلبات ثانوية وصعبة المنال، تكاليف مرهقة للعائلات الكريمة كان الله في عونهم.

مسكين هذا المواطن المكلوم وعائلته الفاضلة مكتوب عليهم الشقاء والتعب على أرض الجنوب، كلما حاول يتناسى فاجعة أو أزمة عدت وولت، يستفيق على أزمة جديدة أشد وأنكى من سابقاتها، وكأن من هم ولاة أمره ومسئولون عنه قد عزموا على حرمانه ومعاقبته، بسبب أنه كان سباقاً في محاربة وطرد ميليشيا الحوثي من على أراضيه وواصل مطاردته إلى العمق الشمالي، بعد أن كاد الحوثي أن يحكم سيطرته ويستولي على كامل الأراضي اليمنية قاصدا البقاء والخلود لأكبر مدة زمنية مثله مثل سلفه الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

وبدلا من أن يتم تكريم هذا الشعب الجنوبي الوفي العظيم الذي حرر أرضه وحقق أهداف التحالف، وإيجاد له الحلول التي تكفل بإخراجه من عنق الزجاجة والوضعية المؤلمة التي يعيشها في عدن وضواحيها من غلاء الأسعار وتردي النظافة والخدمات الحيوية وانعدام حاجاته الضرورية، وتقديم الاعتذار له عن الإساءة والتجاهل والتجويع والحرمان المتعمد الذي تعرض له طوال الفترة السابقة منذ تحرير الجنوب حتى اليوم، نجد الحكومة الموقرة ووزراءها المبجلين يعمقون الجراح ويعمدون لاستفزازه في قضايا هامشية كمناقشة مخرجات الحوار والمرجعيات الثلاث والاحتباس الحراري، قضايا لا تهمه ولا تحسن من أوضاعه لا من قريب ولا من بعيد، وتصرف المليارات لعقد المؤتمرات ويتأمرون عليه وأمام مرأى ومسمع الجميع.​