> «الأيام» غرفة الأخبار
في ظلّ الترقب الحذر لموجة تصعيد عسكري محتملة في اليمن، عقب هجمات جماعة أنصار الله (الحوثيين)، باتجاه الأراضي السعودية، تُثار التساؤلات حول جدوى التلويح بالرد العسكري والخيارات السعودية في حرب “رد الفعل”، في ظل الإعلانات المتكررة للتحالف عن تدمير أهداف نوعية للحوثيين خلال الضربات الجوية التي تشتد وتيرتها من حين لآخر. ووفقاً لمصادر محلية وأخرى تابعة للحوثيين، فقد “شمل تصعيد التحالف في الساعات الأخيرة، تكثيف الضربات للعاصمة صنعاء وأطرافها على وجه التحديد، واستهدفت معسكر القوات الخاصة (غرب صنعاء) ومعسكر الصيانة، إلى الشمال منها. كما شمل أهدافاً بمواقع متفرقة أبرزها منطقة ذباب بمديرية بني حشيش، شرق العاصمة اليمنية”.
وجاءت ضربات التحالف في صنعاء، بالتزامن مع احتدام المواجهات في المناطق الحدودية لمحافظتي حجة وصعدة اليمنيتين مع مناطق نجران وعسير وجازان، من الجانب السعودي، حيث تدور مواجهات وقصف متبادل بمختلف الأسلحة بين الحوثيين من جهة، وبين القوات السعودية والقوات اليمنية الموالية من جهة أخرى، جنباً إلى جنب، مع الغارات الجوية التي تتواصل بوتيرة يومية في مناطق الحدود، وسط تضارب المعلومات حول خسائر الطرفين.
وتعد هذه المرة الأولى تقريباً التي يتحدث فيها التحالف عن “منظومة دفاع جوي” للحوثيين، إذ إن الجماعة لا تمتلك منظومة قادرة على إسقاط الطائرات الحديثة باستثناء ما تعلن عنه من حين لآخر، بإسقاط طائرات من دون طيار، وجاء الإعلان عن استهداف “الدفاع الجوي” للحوثيين، على الرغم من محدودية المواقع التي تعرضت للقصف مقارنة بموجات سابقة من عمليات التحالف، في حين أن أغلب المعسكرات المستهدفة سبق أن تعرضت لضربات متكررة، كما هو حال معسكر الصُباحة (القوات الخاصة)، ومعسكر الصيانة شمال العاصمة.
وبصرف النظر، عما إذا كانت ضربات التحالف الأخيرة في صنعاء، أو تلك التي يعلنها عقب كل عمل عسكري، قد ألحقت خسائر لدى الحوثيين، فإنه من شبه المؤكد، وبناءً على خلاصة تجارب أكثر من أربع سنوات من الحرب، وكما هو المنطقي في استراتيجية جماعة مسلحة تحارب من دون غطاء جوي منذ أعوام، فإن الحوثيين لن يضعوا قدراتهم النوعية في موقع واحد أو أكثر معرض للقصف الجوي، بقدر ما باتت أي قوة لدى الجماعة موزعة بطريقة تقلل من خسائر أي ضربات مباشرة.
وما يعزز محدودية نجاح ضربات التحالف التي يصفها بـ “النوعية”، أنها ليست المرة الأولى التي يصدر فيها مثل هذا التصريح. فقد جرى الإعلان في الأشهر الستة الأخيرة، أكثر من مرة، عن تدمير مواقع تخزين وتوجيه ومراكز تحكم بالطائرات المسيرة بضربات نوعية في صنعاء، إلا أن النتيجة أن الجماعة نفذت هجمات جديدة غير مسبوقة، أبرزها استهدف منشآت نفطية بالرياض في مايو الماضي، وأخيراً استهداف مطار أبها الدولي بخمس طائرات مسيّرة من دون طيار، قال التحالف إنه تمكن من إسقاطها، في حين لم تفلح “الضربات النوعية” في أشهر سابقة، من شل قدرة هذه الأسلحة النوعية لدى الجماعة.
وفي ظل إخفاق موجات من ضربات “رد الفعل السعودي” في وقتٍ سابق، وسقوط ضحايا مدنيين، يبرز احتمال أن تدفع الرياض نحو تحريك جبهات المواجهات بين الجيش اليمني والحوثيين، تلك التي تعيش حالة من الجمود رغم المواجهات المتقطعة، كما هو الحال في جبهة نِهم شرق صنعاء، على أن الحديدة لا تزال تمثل واحدة من أبرز الاحتمالات للتصعيد الميداني ضد الحوثيين، لكن الضغوط الدولية القوية المرتبطة بالمدينة، تجعل التصعيد في جبهات أخرى، هو السيناريو الأوفر حظاً، إذا ما اختارت الرياض رداً على هذا النحو.