> زكريا محمد محسن
لم تعد القدرات العسكرية في عالم القرن الحادي والعشرين، الذي حقق إنجازات علمية عظيمة ومتقدمة وتقنيات رقمية متطورة، هي أمضى سلاح يمكن أن تعتمد عليه الدول في النهوض والرخاء وتحقيق التنمية المستدامة والأمجاد الرفيعة وإثبات الذات مهما بلغت ترسانتها وقوة ردعها وفتكها، فالعالم منذ وقت مبكر، وبعد تجارب مريرة ووقائع مؤلمة، قد وضع السلاح جانباً واتجه نحو العلم فأنشأ المعاهد والجامعات المتطورة، واهتم كثيراً بمراكز الأبحاث العلمية والدراسات الإستراتيجية، فتحقق له أخيراً ما كان يصبو إليه ويطمح إلى بلوغه، وبالطبع لكل مجتهد نصيب ومن زرع حصد.
وأنا أرى أنه يتوجب على الجنوبيين اليوم أن يولوا الاهتمام بالعلم والتعليم أولاً، وأن لا ينصب كل جهدهم في الاهتمام فقط في الجانب العسكري، الذي يبدو لنا اليوم بأنه قد تحول إلى خيار إستراتيجي بدلاً من أن يكون خياراً تكتيكياً مرحلياً يستفاد منه فقط في الوقت الراهن في دفع الأعداء والذود عن حياض الوطن والحفاظ على المكتسبات الوطنية، والمفروض، بل الواجب كما يُهتم بالمؤسسات العسكرية وبنائها يتم بالمثل الاهتمام بالتعليم وعدم التفريط به مهما كانت الظروف.
فمن يرَ اليوم واقع التعليم في الجنوب يُصَب بخيبة أمل لا توصف، فإذا نظرنا مثلاً إلى المعلم الذي يمثل الركن الأساسي في العملية التعليمية لوجدناه في حال يرثى له، وقد أصابه اليأس والقنوط جراء تجاهله وعدم الاهتمام به وإعطائه كافة حقوقه، وبما يحقق له وأسرته حياة كريمة، في حين يستلم طلابه الجنود المستجدين والمنخرطين في السلك العسكري أضعاف ما يتقاضاه. فكيف لا يستبد به اليأس؟!. وبأي روح وخاطر يمكنه أن يؤدي مهامه التدريسية بالشكل المطلوب وقد صارت روحه مجروحة وخاطره منكسراً؟!.
وبالمختصر المفيد يمكننا القول إن التعليم في الجنوب ربما سيلفظ أنفاسه الأخيرة، وسيُشيّع إلى مثواه الأخير إذا لم يسارع أصحاب الشأن في إجراء عمليات عاجلة لاستئصال شأفة الغش وغيره من الممارسات السيئة الحاصلة اليوم في مدارسنا، والتي تضر وتهدد العملية التعليمية والتربوية برمتها.