> تقرير/ رائد محمد الغزالي:

أزمة مستمرة منذ ربع قرن وغياب للدور الحكومي
العديد من مناطق ردفان في محافظة لحج تواجه خطر الجفاف، خاصة الجبلية منها كالجبلة، ظاهرة البكري، الحيمدي، السبابة والحاجب الواقعة شرق مدينة الحبيلين عاصمة ردفان، ما يهدد غالبية السكان بالنزوح.

ويعتمد سكان تلك المناطق في الحصول على المياه بشكل رئيس على المياه المخزنة التي يتم جمعها من الأمطار الموسمية في عدد من السدود المجهزة بجهود ذاتية، وذلك لعدم توفر آبار جوفية، بسبب طبيعة المناطق الجبلية، وغالبًا ما يعاني السكان من الجفاف، ونفاد الكميات المخزونة خلال النصف الثاني من كل عام، ما يضطرهم إلى شراء الماء بالـ "وايتات"، أو النزوح من المنطقة لعدم قدرتهم على تكاليف شراء الماء.

قلق مستمر
أحمد محمد صالح، أحد سكان ظاهرة البكري، بذل جهدًا شاقًا استمر عامين لإنشاء سد يحتفظ داخله بمياه الأمطار، إلا أن الجهود لم تكتمل، ومازالت أمامه بعض الاحتياجات؛ لكي يصبح هذا السد مكتملًا.

"بذلت بصحبة أبنائي جهدًا كبيرًا لإنشاء السد، ووصلت إلى مستوى متقدم"، قال صالح، موضحًا أنهم قد قاموا بالحفر على الجبل، مستفيدين من الأحجار لتجهيز السد، ولكن هناك احتياجات لا يقدروا على توفيرها، منها الأسمنت، وذلك لأن الوضع الحالي الذي تعيشه معظم الأسر متدهور، ما يخلق فيهم قلقًا مستمرًا حيال ما يمكنهم عمله، لضمان توافر المياه، في ظل غياب الدور الحكومي.

ويضيف "أملنا هو تدخل المنظمات والمؤسسات والجمعيات المحلية والمنظمات الدولية، عبر تدخلاتها أو المحبين لفعل الخير، وتقديم المساعدات للأهالي، لكي يتمكنوا من استكمال السدود التي بدأنا بإنشائها بالجهود الذاتية، كي نرتاح بعد أن نتمكن من خزن مياه الأمطار الموسميّة التي يمن بها الله على المنطقة".

الأمل الوحيد
بدوره المواطن محسن محمد سالم، قال بأن الأمل الوحيد للأهالي هو الحصول على الدعم، لإنشاء السدود من أجل خزن نسبة كبيرة من مياه الأمطار تكفي للموسم، بطريقة صحية وآمنة.

وتابع " في هذه المناطق توجد سدود لدى بعض المواطنين، وبالتالي يستفيد البعض الآخر ممن ليس لديهم سدود من وجودها، للحصول على المياه، فهناك أسر لا توجد لديها سدود، وتقطع النساء مسافة طويلة لجلب الماء من السدود التي توجد بها مياه على رؤوسهن أو ظهور الحمير، وهذه مشقة عليهن، كما أن هناك سدود تواجه بعض المشاكل من حيث أن سقوفها ليست آمنة، وتكون عرضة للأوبئة، وتشكل خطر على الأطفال، ويصبح في تلك المياه ما يهدد حياتنا، إلا أننا نضطر لاستخدامها، فأما نستخدم الموجود أو النزوح.. والنزوح إلى أماكن أخرى يتطلب إمكانيات مالية، ونحن لا نمتلك الإمكانيات، ولذلك نناشد كل الخيرين والجهات المسؤولة والمنظمات الدولية دعم الأهالي لإنشاء السدود؛ لأن ذلك هو الأمل الوحيد حاليًا في أن نستمر بالعيش في مناطقنا".

معاناة مزدوجة
"المناطق الممتدة على سلسلة جبلية لا يعاني سكانها فقط من أزمة نقص المياه غير الصالحة للشرب، بل أن المعاناة تتضاعف بعدم وجود مياه شرب نظيفة"، قال صالح سعد، الذي أكد أن الكثير من المواطنين يتعرضون لمشاكل صحية، وأضرار في الجهاز البولي ووظائف الكلى.
ويأمل سعد أن تصل رسائلهم كمواطنين إلى كل الجهات التي تستطيع أن تقدم الدعم بصورة أو بأخرى، ليتمكنوا من بناء سدود آمنة، وبشكل يتطابق مع المعايير الصحية.

أزمة منذ ربع قرن
عضو الهيئة الإدارية بالمجلس المحلي لمديرية ردفان، منصور محمد صائل، كان له حديث في هذا الجانب، حيث قال لـ"الأيام" إن هذه المناطق تعاني من نقص حاد في المياه التي تعد من أهم احتياجات الحياة.
وأضاف صائل الذي يعد أحد سكان منطقة الجبل، بأن العديد من الأسر من مختلف مناطق الجبل، نزحت إلى مناطق تتوفر فيها مياه، منها مدينة الحبيلين عاصمة المديرية، بسبب نفاد مياه الأمطار المخزونة.

وأوضح صائل بأن هذا النزوح مستمر بالحدوث منذ ربع قرن، على اعتبار أن المناطق الجبلية تشهد كثافة سكانية، وهي عبارة عن خمسة مراكز إدارية تتبع مديرية ردفان، وتضم العديد من القرى والأرياف، ويصل عدد السكان فيها إلى أكثر من عشرة ألآف نسمة.
وعلى الرغم من الكثافة السكانية في تلك المناطق، إلا أن الأهالي هناك لم يحصلوا على أي مساعدات حكومية، حسب صائل، كما أن دور المنظمات الداعمة ليس بالجيد، باستثناء تدخل سابق ومحدود نفذه الصندوق الاجتماعي للتنمية، ساعد من خلاله الأهالي في إحدى المناطق على بناء خزانات صغيرة لحفظ المياه.

وأشار إلى أن هذه المناطق تحتاج بشكل ملح إلى عمل مشاريع كبناء حواجز، أو الكثير من السدود للمواطنين، لتوفير مياه الشرب أيضًا التي تفتقدها عدد من المناطق، موجهًا مناشدة عاجلة إلى قيادة السلطة المحلية في المحافظة، وكل الجهات الحكومية والمنظمات الدولية للتدخل، وتقديم المساعدة لسكان هذه المناطق لبناء السدود كي يتمكنوا من حفظ مياه الأمطار الموسميّة فيها، وتوفير ما يلبي الاحتياج من المياه طوال العام.