> بقلم: د صالح الوالي
- والشرعية ألغت نفسها باعترافها بأنصار الله طرفا شرعيا
والملاحظ أن ديباجية الاتفاق مكونة من ثلاثة فقرات طويلة وعادة تكون مختصرة وتتضمن نصوص الاتفاق.
الديباجة هي المقدمة التي تسبق القواعد التي هي جزء من دستور، قانون، اتفاق إلخ، وتعد أهم جزء من الاتفاق، وتنص على ما يسمى موضوع الاتفاق بشأنه والالتزامات التي تعهدت بها الأطراف المنصوص عليه في الاتفاق، وتصفهم وصفا كاملا ومفصلا لأسماء جميع الأشخاص الذين يوقعون الاتفاق، وقد أقرت بعض الدول أن أي اتفاق ينتهك أهداف أو مبادئ ديباجته يجب اعتباره غير دستوري.
أولا- جاء في الفقرة (1) من الديباجة: "إن طرفي هذا الاتفاق، إذ التقيا برعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود في المملكة العربية السعودية من 20/ 8/ 2019م إلى 24 / 10 / 2019م استجابة لدعوة المملكة للحوار لمناقشة الخلافات وتغليب الحكمة والحوار ونبذ الفرقة ووقف الفتنة وتوحيد الصف".
1 - يدرك الطرفان: الفقرة : (ب) يشير مصطلح (الطرفان) إلى التحالف الوطني (المؤتمر الشعبي العام وحلفائه) كأحد الطرفين، وإلى المجلس الوطني (أحزاب اللقاء المشترك وشركاؤه).
وبالمحصلة ومن دون أن تشير أو تسمي الديباجة طرفي الاتفاق ولا تسمية الشخصين الاعتباريين، يعتبر الاتفاق غير قانوني مما جعل حكومة الشرعية تتمنع من تنفيذ الاتفاق لأنه قيد الانتقالي ونتيجته ما يعانيه شعب الجنوب، تتجاوز أي وصف.
الملاحظة المرجعيات خمس وليست ثلاث، والخطأ بعدد المرجعيات يحق للانتقالي قانونا إلغاء الاتفاق أو الانسحاب منه، لكن السؤال الذي يبرز: ما علاقة الانتقالي بالمرجعيات المذكورة التي أبرمت قبل إعلان تأسيس المجلس في 11 مايو2017م بسنوات؟
ومعلوم أن أحكام القوانين لا تسري إلا على ما يقع من تأريخ العمل بها، ولا يترتب أثر على ما وقع قبل إصدارها ما عدا في المواد الجنائية والمالية.
وفي ضوء ذلك أشير بإيجاز إلى طبيعة المرجعيات الخمس المنصوص عليها في اتفاق الرياض كالتالي:1 – المرجعية الأولى: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، التي جاءت لحل الصراع على السلطة بين النظام السابق ممثلا بالرئيس علي عبدالله صالح رئيس المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك اليمنية (المعارضة).
وبتوقيع الانتقالي اتفاق الرياض التزم "بحل القضية الجنوبية وفقا للمبادرة الخليجية وآليتها بما يحفظ لليمن وحدته واستقراره وأمنه".
3 – المرجعية الثالثة: قرار مجلس الأمن رقم 2216 (2015م) "إذ يشدد على ضرورة العودة إلى تنفيذ مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلية تنفيذها ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل وتأكيد التزامــه القــوي بوحدة اليمن وســيادته واســتقلاله وســلامته الإقليمية".
4- المرجعية الرابعة: القرارات الدولية ذات الصلة مجلس الأمن: أصدر المجلس (14) قرارا بشأن الحالة اليمنية.
4 – المرجعية الخامسة: مقررات إعلان مبادئ مؤتمر الرياض:
1 – الالتزام بالشرعية الدستورية.
2 – الالتزام بإقامة الدولة المدنية الاتحادية والحفاظ على أمن واستقرار اليمن.
3 – الالتزام بمبدأ الشراكة والتوافق وفقا لما جاء في ضمانات مخرجات الحوار الوطني واتفاق معالجة القضية الجنوبية خلال المرحلة الانتقالية.
4 – الالتزام بإعلان الرياض والقرار الدولي (2216) واعتبارهما السقف الذي لا يمكن تجاوزه في أي مفاوضات قادمة يمكن أن تتم برعاية الأمم المتحدة.
وبتوقيع الانتقالي إعلان مبادئ مؤتمر الرياض التزم بمقرراته يعني أن ما يدعيه باستعادة دولة الجنوب لا أساس له؟.
ثالثا: ما جاء في الفقرة (3) من الديباجة "وتأكيدا على دور تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية استجابة لطلب فخامة الرئيس الشرعي المنتخب عبدربه منصور هادي لحماية اليمن وشعبه من استمرار عدوان الميليشيا الحوثية المدعومة من النظام الإيراني، والبناء على النجاحات السياسية والعسكرية والأمنية والإغاثية والتنموية وعلى رأسها استعادة السيطرة على معظم الأراضي اليمنية".
أما "عدوان المليشيات الحوثية" فبعد طردها من المحافظات الجنوبية توقفت من مهاجمتها تقريبا، ولا ننسى أن الحرب في اليمن لها سبع سنوات ولم تتوقف، أما عن "والبناء على النجاحات السياسية والعسكرية والأمنية" فلم نشهد أية نجاحات سياسية تذكر، وإنما استسلام الألوية العسكرية والأمنية الشمالية مع مناطقها لأنصار الله، أما عن "الإغاثية والتنموية" فشعب الجنوب يتضور جوعا من قطع المرتبات والكهرباء والمياه وغيرها، أما عن "استعادة السيطرة على معظم الأراضي اليمنية" فلم يتبقَ إلا مديرتين في مارب وطربالين في تعز ستنضم إلى حاضنتها صنعاء قريبا.
والعجيب أن الشرعية لم تسأل نفسها من أين استمدت شرعيتها ومشروعيتها بعد طردها من العاصمة صنعاء وعدن، هل من الدستور اليمني الذي علقته المبادرة الخليجية وحلت محله؟، أم من الآلية التنفيذية التي نصت في البند (4) على أن " يحل الاتفاق على المبادرة الخليجية وآليتها محل أي ترتيبات دستورية أو قانونية قائمة ولا يجوز الطعن فيهما أمام مؤسسات الدولة"، أم من مسودة مشروع الدستور اليمني الذي انتزعه أنصار الله من د. أحمد عوض بن مبارك وزير الخارجية الحالي الأمين العام لمؤتمر الحوار حينها، قبل أن يقره مؤتمر الحوار الوطني.
لذا فإن اعتراف الشرعية بأنصار الله لا يعني أنها ستعود إلى صنعاء لتتسلم مقاليد الحكم أو المشاركة في السلطة؛ فأنصار الله غير معترفين لا بالشرعية ولا بالانتقالي.
أما شرعية أنصار الله فهي شرعية الأمر الواقع التي رحب بها الشعب اليمني في الشمال، وعلى الانتقالي أن يسلك نفس الطريق بالسيطرة على الأرض، وخير ما سنشهده في قادم الأيام هل المجتمع الدولي سيصدر قرارا مماثلا للقرار 2216 (2015م) بالاعتراف بالرئيس الشرعي المنتخب أشرف غني وحكومته بعد هروبهم من أفغانستان.
وعلى خطى أمريكا وبوتيرة عالية تتفاوض المملكة مع أنصار الله في الظهران والرياض وصنعاء ومسقط وغيرها، وليس أدل من تصرح الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الذي طالب أنصار الله بإيقاف الحرب ولهم ما يريدون، والأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي الذي قدم مبادرة بوقف الحرب من طرف واحد، والمبادرات الأممية وحجيج المبعوثين الدوليين إلى مسقط، وليس آخرهم تصريح تيم ليندر كينج المبعوث الأمريكي لليمن "إنه يتمنى فتح السفارة الأمريكية في صنعاء.
واستكملت الديباجة: " ولضرورة تفعيل مؤسسات الدولة، فإنهما يعلنان التزامهما التام بالآتي:
وتأسيسا على ذلك نترك الفرصة لمستشاري الانتقالي للوقوف على ما انطوى عليه اتفاق الرياض، ونقترح أن يرفعوا رؤية قانونية لتوصيف الحالة اليمنية والجنوبية من منظور القانون الدولي؟ ومن ثم وضع خارطة طريق واضحة لقيادة الانتقالي، ما لم فطريق باب اليمن سالك كما صرح الأخوان فضل الجعدي وعلى الكثيري، فالأول يطالب بتعديل القرار 2216(2015م) والثاني يطالب بتشكيل وفد مشترك مع الحكومة الشرعية "الأيام".
ونظرا لعدم وجود الرؤية القانونية السياسية الصحيحة لقيادة الانتقالي، أرى أن يعيد الانتقالي تشكيل قيادة المجلس أو أن يشكل مجلسا قانونيا سياسيا ديبلوماسيا من المناضلين الأوائل الذين عركتهم ميادين الجنوب منذ العام 1994م، ومن ذوي الخبرة والكفاءة والنزاهة والقدرة والمشهود لهم بمواقفهم الوطنية المطالبة باستعادة دولة الجنوب أو يشكل غرفة أخرى للانتقالي لتقوم بالتفاوض، لأنه من المستحيل أن تكون قيادة الانتقالي قائد للثورة الجنوبية وهي مسؤولية كبيرة وجسيمة وفي ذات الوقت تقود مفاوضات شائكة ومعقدة، وليس أدل على ضعفه تنازل الانتقالي عن رمانة الجنوب محافظة شبوة وتسليمها للشرعية، وإلغاء الإدارة الذاتية، وتوقيع اتفاق الرياض، والمشاركة بحكومة المناصفة (الربع) وتقييد الانتقالي في قرن كلاسي في محافظة أبين.
أولا- إلغاء اتفاق الرياض والانسحاب من حكومة المناصفة وسحب الفريق المفاوض من الرياض.
ثانيا- إن يقوم الانتقالي بالسيطرة على ما تبقى من أرض الجنوب لفرض أمر واقع من المهرة إلى باب المندب.
ثالثا- أن يستند المفاوض الجنوبي إلى قواعد القانون الدولي في مخاطبة المجتمع الدولي باستعادة الدولة الجنوبية.
وفي الأخير، مادامت المملكة تتفاوض مع أنصار الله لإيقاف الحرب للخروج بموقف مشرف في اليمن، لماذا لم تسلم قوات التحالف الجنوب للانتقالي، الجواب عند قيادة الانتقالي؟
*وزير مفوض