> الخرطوم "الأيام" القدس العربي
رغم التباعد الذي شهدته العلاقة بين البلدين خلال العامين الماضيين، زار رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، الخرطوم، أمس الخميس. الزيارة هي الأولى من نوعها، منذ أغسطس 2020، وقد أكد الزعيم الإثيوبي خلالها، دعمه للعملية السياسية الجارية في السودان، وذلك بالتزامن مع مبادرة مصرية تدفع نحو حوار سوداني- سوداني جديد ينتظر أن تنطلق اجتماعاتها في فبراير المقبل.
وحضر المباحثات من الجانب السوداني وزراء الخارجية والدفاع ومدير المخابرات العامة والقائم بأعمال سفارة السودان في أديس أبابا، مقابل وزراء الدفاع والسلام والداخلية الإثيوبيين، ومستشار الأمن القومي ومدير المخابرات الإثيوبي ووزير مكتب الاتصال الحكومي ونائب وزير الخارجية الإثيوبي والسفير الإثيوبي في الخرطوم.
- التعاون والتنسيق
وحسب إعلام المجلس السيادي السوداني «أطلع البرهان رئيس الوزراء الإثيوبي على تطورات الأوضاع السياسية في البلاد والجهود المبذولة لتجاوز الأزمة السياسية الراهنة. فيما أكد أحمد أن الغرض من الزيارة إظهار التضامن مع السودان والوقوف معه في هذه المرحلة الهامة في مسيرته السياسية».
- لا ضرر على السودان
وحول قضية الحدود قال إنها» قديمة، ويجب الرجوع إلى الوثائق لحلها».
وحول لقاءاته مع الأحزاب السياسية، أكد عدم تقديم مقترحات جديدة» مبديا ثقته «في قدرة السودانيين على تجاوز قضاياهم السياسية».
والتقى أحمد كذلك قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي) والذي قدم له شرحا حول التطورات السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد، والجهود المبذولة على ضوء الاتفاق الإطاري الموقع في 5 ديسمبر الماضي، معلناً التزامهم بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لتحقيق الاستقرار في البلاد، مشدداً على «ضرورة تعاون الأطراف على تنفيذ الاتفاق لتجاوز الازمة السياسية واستكمال الفترة الانتقالية».
وأوضح رئيس الآلية، فولكر بيرتس، في تصريح صحافي، أنهم أطلعوا رئيس الوزراء الإثيوبي، على موقف الآلية الثلاثية المسّهل للحوار والمحادثات الجارية لدعم العملية السياسية في السودان.
- دون تدخلات خارجية
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإثيوبي دعا إلى الإسراع في إكمال العملية السياسية لإخراج السودان من الأزمة، مرحبا بالزيارة المرتقبة لوفد «الحرية والتغيير» لدولة إثيوبيا.
أما جبريل إبراهيم الأمين العام للكتلة الديمقراطية، والتي ترفض الانضمام للاتفاق الإطاري، وتؤيد المبادرة المصرية، فقد أشار إلى أنهم خلال لقائهم بأحمد قدموا شرحا مفصلا حول موقفهم من الإتفاق الإطاري ورؤيتهم بأنه لا يمكن أن يحقق وفاقا وطنيا، وان أي حكومة يتم تشكيلها بموجبه «لن تصمد طويلا ولا مستقبل لها».
وأشار ممثل مجموعة القوى الوطنية، محمد حمد سعيد، التي تتخذ ذات موقف الكتلة الديمقراطية، أن أحمد أكد لهم بأن زيارته للسودان ولقاءاته «ليست بهدف أن تكون بلاده وسيطا في الأزمة لأنه على قناعة بأن الحل بيد السودانيين» مبديا استعداده للجلوس مع الجميع لتحقيق الوفاق الوطني الشامل في البلاد.
- سد النهضة
ومنذ 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتّفاق حول ملء سدّ النهضة وتشغيله، إلا أنّ جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن اتفاقاً.
ويقع سد النهضة على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول- قمز الإثيوبية على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان. ويبلغ طوله 1,8 كلم وارتفاعه 145 متراً.
ويلتقي النيل الأزرق الذي ينبع من إثيوبيا النيل الأبيض في الخرطوم ليشكلا معاً نهر النيل الذي يعبر السودان ومصر ويصبّ في البحر المتوسط.
وتصر أديس أبابا على أن السد لن يؤثر على حصص مصر والسودان من مياه النيل، وتطمح في أن يحقق المشروع تنمية اقتصادية وأن يصبح السد أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا بقدرة إنتاج تبلغ 6500 ميغاواط.
وبينما اتهم مسؤولون إثيوبيون الحكومة السودانية بالانحياز إلى الجانب المصري في قضية سد النهضة، أكدت الخرطوم أنها تتبنى المواقف التي تخدم مصالحها وتحمي أمنها القومي، الأمر الذي تسبب في توتر العلاقات بين البلدين.
وفي أعقاب سقوط نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، دفعت أديس أبابا بمبادرة مشتركة مع الاتحاد الأفريقي، أدت إلى توقيع الأطراف المدنية والعسكرية في أغسطس 2019، وثيقة دستورية، تشارك من خلالها الجانبان السلطة لأكثر من عامين، أطاح بها انقلاب عسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول2021.
ويعد السودان محطة تنافس إقليمي بين مصر وإثيوبيا، حسب المحلل السياسي أمين مجذوب، الذي تحدث لـ«القدس العربي» مشيرا إلى أن القاهرة «مهتمة بوجود حلفاء لها في الحكومة السودانية المقبلة، وتقارب في مواقف البلدين فيما يتعلق بسد النهضة».
- موطئ قدم
في المقابل تسرع إثيوبيا الخطى بعد أن جاءت مصر عبر مبادرتها لإدخال بعض المؤيدين لها في العملية السياسية، وفق مجذوب، الذي بين أن أثيوبيا «تريد أيضا موطئ قدم في هذه التسوية، وأن تضمن كذلك موقفا سودانيا مقاربا لموقفها فيما يتعلق بسد النهضة، كما أنها تريد معاندة الموقف المصري».
ولفت إلى أن هناك ملفات أخرى قد يكون الجانبان المصري والإثيوبي يسعيان نحوها» مشيرا إلى أن القاهرة «تريد ضمان انسياب المواد الخام الحيوانية والزراعية، وأيضا الجانب الإثيوبي يعتمد على السودان كثيرا في توفير الغذاء والمواد البترولية، ولديه ملف منطقة الفشقة الواقعة في الحدود الشرقية السودانية وتمثل عمقا أمنيا للجبهة الداخلية لأديس أبابا».
- إذابة الجليد
ورأت أن ملف سد النهضة «محسوم في كل الأحوال من الجانب الإثيوبي، أيا كانت تحركات الأطراف الأخرى».