> بلال عبداللطيف:
يذهب عمر عبدالعزيز (9 سنوات)، أحد الطلاب القاطنين غرب محافظة لحج، كل صباح لمدرسته بقميصٍ، لا يكاد يقيه برد نسيم عابر، علاوة على دفعِه صقيع شتاء لحج شديد البرودة هذه السنة.
عمر نموذج لمئات الطلاب الفقراء في الأرياف اليمنية، ومن بينها ريف لحج، حيث تعيش أسرهم في فقرٍ مدقع، تعجز معه عن شراء ملابس تقي أبناءَها حرَّ الصيف أو برد الشتاء، أو حتى شراء علاج لمداواتهم حال مرضهم، بسبب الغلاء والوضع العام البائس للبلاد ككل.
محمد يضيف قائلًا: "مدرستنا الواقعة في أقصى مديرية المضاربة بلحج، وبالتحديد في منطقة (تربة أبو الأسرار)، اسمها: مدرسة (بلال بن رباح)، نصل إليها لنحتمي بعد أن أكل منّا البرد والتعب، لكنّنا نصل -للأسف- إلى مبنى متهالك، بلا نوافذ ولا أبواب؛ مبنى بالرغم من عراقته وتاريخه المشرف، الذي أهّل كوادرا وطنية كثيرة، صار أشبه بخرابة تضاعف تعبنا وبردنا!".
"وعلى الرغم من كل هذه المعوقات، فإنّ عزيمنتا متقدة، وإصرارنا على المضيّ في درب العلم مستمرة، إذ لا خيارات أمامنا، ولا حلول غير التحمّل والصبر والتكيف مع متغيرات الفصول في مقابل التعليم وتأهيل أنفسنا". ينهي محمد عقيل حديثه لـ"خيوط".

ويشير الأستاذ عبدالباقي إلى أنّ الطلاب لا يتأثرون صحيًّا وحسب، بل إنّ هذه البيئة غير المهيَّأة لإرسال واستقبال المعلومات والأفكار تُلقي بأثرها على جانب التحصيل العلمي والمعرفي لدى الطلاب: "في بداية الدوام المدرسي، يظل الطلاب مشغولين تمامًا في محاولة تدفئة أنفسهم، على حساب انتباههم وتركيزهم مع شرح المعلم، ما يشوّش عملية الفهم والاستيعاب".
قيس طالب يدرس في الصف الثالث الابتدائي، يعاني من مرض في الدم، ومعاناته مع البرد والمسافات الطويلة تنعكس سلبًا على صحته؛ يقول والده لـ"خيوط": "ابني مصابٌ بتكسّر في الدم، ما يجعله غير قادرٍ على قطع المسافة الطويلة بين البيت والمدرسة، لذلك أضطرّ إلى منعه من الذهاب إلى المدرسة عندما يشتدّ الجوّ برودة".
بدورها أمّ إسماعيل أحمد، لجأت لتدفئة أولادها عن طريق تدفئتهم بجانب موقد ممتلئ بالجمر قبل ذهابهم للمدرسة، إذ ترى أنّ هذه الطريقة قد تخفِّف عنهم قليلًا برودة الطقس القارس.
في العقد الأخير، تزايدت حالات الإصابة بأمراض ونزلات البرد، كالزكام والسعال وأمراض التهابات الحنجرة وأمراض فقر الدم، بحسب مصادر طبية بلحج، ومعه تتكاثر ظاهرة الغياب الاضطراري لأطفال المدارس، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية يرشحها الشتاء، والمسافات والإهمال لمزيد من التأزيم، وهو ما يضع كل من بيده المساهمة في إصلاح وترميم هذه المدارس، أو تقديم الدعم والمعونات للأسر المعدمة، أو توفير وسائل مواصلات- أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية ووطنية جسيمة.
الجدير بالذكر، أنّ معظم المدارس بمحافظة لحج، تفتقر للكثير من الأساسيات المهمة والجوهرية لتكون بيئة صالحة وآمنة لتلقي العلم، إذ أنّ مدرسة عريقة تأسّست في ستينيات القرن المنصرم، وكهدية من حاكم السلطنة العبدلية لشيخ المنطقة آنذاك، كمدرسة بلال بن رباح، التي تخرج فيها الكثير ممّن هم على رأس هرم السلطة حاليًّا- لم تحظَ بالعناية والترميم من قبل الحكومات المتعاقبة، للاستمرار في أداء رسالتها، حيث بات سقفها آيلًا للسقوط، فضلًا عن المشاكل الأخرى التي يعاني منها المبنى الذي صار مأوى للحيوانات الشاردة، والذي يحتاج بصورة عاجلة للإصلاح والصيانة قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه.
في هذا الصدد، ناشد أبناء هذه القرى كل الجهات المعنية للنظر في شكواهم، والوقوف مع أولادهم، وتذليل جزءٍ من الصعاب التي تواجههم.
عمر نموذج لمئات الطلاب الفقراء في الأرياف اليمنية، ومن بينها ريف لحج، حيث تعيش أسرهم في فقرٍ مدقع، تعجز معه عن شراء ملابس تقي أبناءَها حرَّ الصيف أو برد الشتاء، أو حتى شراء علاج لمداواتهم حال مرضهم، بسبب الغلاء والوضع العام البائس للبلاد ككل.
- رحلة مشقة
محمد يضيف قائلًا: "مدرستنا الواقعة في أقصى مديرية المضاربة بلحج، وبالتحديد في منطقة (تربة أبو الأسرار)، اسمها: مدرسة (بلال بن رباح)، نصل إليها لنحتمي بعد أن أكل منّا البرد والتعب، لكنّنا نصل -للأسف- إلى مبنى متهالك، بلا نوافذ ولا أبواب؛ مبنى بالرغم من عراقته وتاريخه المشرف، الذي أهّل كوادرا وطنية كثيرة، صار أشبه بخرابة تضاعف تعبنا وبردنا!".
"وعلى الرغم من كل هذه المعوقات، فإنّ عزيمنتا متقدة، وإصرارنا على المضيّ في درب العلم مستمرة، إذ لا خيارات أمامنا، ولا حلول غير التحمّل والصبر والتكيف مع متغيرات الفصول في مقابل التعليم وتأهيل أنفسنا". ينهي محمد عقيل حديثه لـ"خيوط".
- بيئة غير مهيَّأة
من جانبه، يقول الأستاذ عبدالباقي، أحد معلمي مدرسة بلال، في حديث لـ"خيوط": "تعاني معظم مدارس أرياف محافظة لحج من عدم الصيانة والتأثيث، ولو بالحدّ الأدنى، إذ يواجه الطلاب والكادر التعليمي تبعات الشتاء القاسية التي تترك أثرها على صحة وعافية المعلمين والطلاب على حدٍّ سواء". ويتابع عبدالباقي: "يتسرب البرد من النوافذ المحطمة، من الشقوق على الجدران، ومن الأبواب، ومن كل الثغرات التي تزداد سوءًا يومًا إثر يوم، الأمر الذي يربك العملية التعليمية، خاصة في فصل الشتاء التي تكون فيه الحصص الأولى أشبه بثلاجة مهمتها الوحيدة تجميد ما بداخلها!"، مؤكّدًا أنّ عددًا من الطلاب لا يستطيعون تحمّل موجة البرد، خاصة في ظلّ ضعف حال الأسر، وتنصّل الجهات المعنية عن القيام بدورها في تفقّد وصيانة المدارس، إلى جانب الغياب شبه التام للمنظمات الإنسانية والجهات المحلية والدولية المهتمة بالطفولة وحقوق الإنسان".

ويشير الأستاذ عبدالباقي إلى أنّ الطلاب لا يتأثرون صحيًّا وحسب، بل إنّ هذه البيئة غير المهيَّأة لإرسال واستقبال المعلومات والأفكار تُلقي بأثرها على جانب التحصيل العلمي والمعرفي لدى الطلاب: "في بداية الدوام المدرسي، يظل الطلاب مشغولين تمامًا في محاولة تدفئة أنفسهم، على حساب انتباههم وتركيزهم مع شرح المعلم، ما يشوّش عملية الفهم والاستيعاب".
- محاولات للحماية
قيس طالب يدرس في الصف الثالث الابتدائي، يعاني من مرض في الدم، ومعاناته مع البرد والمسافات الطويلة تنعكس سلبًا على صحته؛ يقول والده لـ"خيوط": "ابني مصابٌ بتكسّر في الدم، ما يجعله غير قادرٍ على قطع المسافة الطويلة بين البيت والمدرسة، لذلك أضطرّ إلى منعه من الذهاب إلى المدرسة عندما يشتدّ الجوّ برودة".
بدورها أمّ إسماعيل أحمد، لجأت لتدفئة أولادها عن طريق تدفئتهم بجانب موقد ممتلئ بالجمر قبل ذهابهم للمدرسة، إذ ترى أنّ هذه الطريقة قد تخفِّف عنهم قليلًا برودة الطقس القارس.
- وضع يدقّ ناقوس الخطر
في العقد الأخير، تزايدت حالات الإصابة بأمراض ونزلات البرد، كالزكام والسعال وأمراض التهابات الحنجرة وأمراض فقر الدم، بحسب مصادر طبية بلحج، ومعه تتكاثر ظاهرة الغياب الاضطراري لأطفال المدارس، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية يرشحها الشتاء، والمسافات والإهمال لمزيد من التأزيم، وهو ما يضع كل من بيده المساهمة في إصلاح وترميم هذه المدارس، أو تقديم الدعم والمعونات للأسر المعدمة، أو توفير وسائل مواصلات- أمام مسؤولية أخلاقية وإنسانية ووطنية جسيمة.
الجدير بالذكر، أنّ معظم المدارس بمحافظة لحج، تفتقر للكثير من الأساسيات المهمة والجوهرية لتكون بيئة صالحة وآمنة لتلقي العلم، إذ أنّ مدرسة عريقة تأسّست في ستينيات القرن المنصرم، وكهدية من حاكم السلطنة العبدلية لشيخ المنطقة آنذاك، كمدرسة بلال بن رباح، التي تخرج فيها الكثير ممّن هم على رأس هرم السلطة حاليًّا- لم تحظَ بالعناية والترميم من قبل الحكومات المتعاقبة، للاستمرار في أداء رسالتها، حيث بات سقفها آيلًا للسقوط، فضلًا عن المشاكل الأخرى التي يعاني منها المبنى الذي صار مأوى للحيوانات الشاردة، والذي يحتاج بصورة عاجلة للإصلاح والصيانة قبل أن يحدث ما لا يحمد عقباه.
في هذا الصدد، ناشد أبناء هذه القرى كل الجهات المعنية للنظر في شكواهم، والوقوف مع أولادهم، وتذليل جزءٍ من الصعاب التي تواجههم.