ليس سهلا أن تعيش كل عمرك تشاهد محطات رئيسة وثانوية لوطنك بصفة خاصة، ولمنطقتك والعالم معظمها نكبات وفشل. لكن الأصعب أن تجهل السبب الرئيسي وتظل تدور في فلك ردود أفعال لنتائج ذلك.

الميزة الفريدة لدى الإنسان والذي ميزه الخالق عن بقيه المخلوقات هو العقل، مركز نشوء الفكر الملهم من المرجعية الإلهية، وكذا الاختيار لتجارب إنسانية فيها الخير والشر معا.

العقود التى عشناها قائمة على فكر تدميري على الجميع، بمن فيهم مؤسسيه، والشواهد تثبت ذلك وسنظل لعقود قادمة ستكون أسوء من سابقاتها، ما لم يتغير هذا الفكر التدميري أولا بفكر جديد.

ولإرساء اللبنة الأولى لعهد أفضل يتطلب نخبة لا هي بصفة الملائكة ولا الرسل، ولكنها أيقنت بخبرتها وتجربتها ومعاناتها، سواء كانت مساهمة بأي شكل أو ممن عانوا كل أشكال الظلم. إن التغيير الحقيقي يبدأ بفكر جديد لا يكرر ما سبقه إلا ما ثبت خيره للبشرية.

كما هو الحال في الدين الإسلامي أن الإسلام يجب ما قبله، أي الإيمان بهذا الدين يمنحك توبة صادقة، ويلزمك بعدم العودة لممارسة أخطائك السابقة، وإلا فالعقوبة أشد. وهكذا حال الفكر الجديد يمنح المؤمنين به توبة لا عودة فيها، لتكرار الفكر التدميري وإلا فالعقوبة ستكون قاسية ليكونوا عبرة.
فهل لدينا الإرادة أن نقف مع ضمائرنا وقفة صادقة، ونتداعى كأفراد آمنوا بهذا الفكر الجديد، ليسهموا في صياغته ليكون منارا لعهد أفضل.

والواقعية تتطلب خلق نموذج أولا، بحيث يمكن تطبيقه لاحقا في كل مكان طالما ثبت خيره للجميع.
وفي حالة اليمن كما للمنطقة، فإن أوضاعها متشابكة ومعقدة، تحتاج لفكر جديد إذا نجح النموذج في خلق أمن واستقرار وحياة حرة عادلة وكريمة. واختيار عدن لتكون نموذجا، كونها تحظى وتتميز عن غيرها بصفات تساعد للنجاح.

دعوة مفتوحة من القلب ألى أهلي مواطنو عدن، ممن آمنوا بأهمية صياغة فكر جديد، من خلال حوار جامع لا يستثنى أحدا منهم، لجعل عدن نموذجا لعهد أفضل ووضع مشروع شامل، يضع حلولا عادلة لكل القضايا الرئيسة والأساسية، ويشكل هيئاته ولجانه، ووضع خطة مرحلية وبرامج عمل تنفيدية لها .
الدوران حول مشاكلنا اليومية لن يغير الحال، ولهذا... فالصحوة ضرورية والتحرك برؤية التغيير إلى الأفضل.
* نائب وزير الخارجية السابق