في العالم المتحضر و الديمقراطي  يحترم الجميع آراء بعضهم البعض أيًّا كانت  ويعيشون في سلام ، اما في عالمنا المتواضع الجنوبي والشمالي الاختلافات السياسة سبب رئيسي للحروب وحتى الخلاف والشجار بين الأصدقاء والأقارب وحتى بين الشركاء أو الأزواج.

 إذا اختلفت الآراء السياسية للشركاء  في اليمن  فقد تشعر من البداية أن هذه العلاقة محكوم عليها بالفشل ، مع  انه من الممكن كمرحلة اولية  إظهار الاحترام  والاعتراف بها من باب حق الإنسان في الاختلاف من أجل التغلب على الخلافات السياسية في العلاقات وخاصة تلك التي على مستوى عالي والتي تقودنا دائما الى صدامات عسكرية.

من بين الموضوعات  التي  يتحدث فيها السكان في الشمال والجنوب  تبرز بشكل ملحوظ  اولاً مواضيع الغلاء المعيشي والرواتب  وثانياً  الوضع السياسي والامني  للبلاد  ،ويمكن الحديث عن ان 30٪  من  السكان توقف عن التواصل مع شخص ما بسبب تقييم مختلف للأحداث السياسية اليمنية ، في المقابل هناك احتمالية حقيقية تشير إلى ان 15٪   من الممكن  في حالة تشابه للآراء السياسية سمحت لهم بالاقتراب  والتوافق  من هذا الشخص أو ذاك .
الكثير من اصدقائي يعترفون بأنه يمكنهم تكوين صداقات مع شخص تكون آرائه السياسية غريبة عليهم او مختلفة ، اما الأشخاص الذين لن يصبحوا أصدقاء أبدًا لهم  هم تجار السياسة و الحروب والدين والفاسدين والمتسلقين ،  ومن يحملون وجهات نظر  حزبية ضيقة  او قبلية او مناطقية.

الاختلاف في الرأي هو ظاهرة موضوعية و واقع متأصل في العلاقات الاجتماعية والسبب الأعمق للاختلاف  في المجتمع هو الاحتياجات والمصالح والقيم المختلفة لموضوعات سياسية محددة تشكل البنية الاجتماعية ، تؤدي في بعض الدول الى مواجهة بين الأطراف المتصارعة لأنها  تستند إلى تناقضات متراكمة موضوعية سياسية ، اقتصادية ، اجتماعية  ، طائفية ،أيديولوجية ، ثقافية  إلخ.

في الجمهورية اليمنية اختلافاتنا السياسية في الرأي ، غالباً لا تنتهي الى حوار وحل سلمي بل الى وسيلة لإثارة الصراعات ، لأنها مرتبطة بالصراع على السلطة  والثروات ، واليوم البلاد تعيش اختلافات سياسية عميقة في وجهات النظر على المستويين السياسي والاجتماعي داخل البلاد جنوبها وشمالها  دون  تحديد لأليات  وتقنية ممارسة إدارة الاختلاف الذي " لا يؤدي " الى صراع من خلال القواعد العامة و احترام  الخصائص الاجتماعية والاقتصادية والحالة السياسية للمجتمع و التاريخية والوطنية والدينية والثقافية.

في الجمهورية اليمنية لا  قادة واضحون ولا غرباء واضحون ، لكن لا يجب أن تؤثر هذه الحالة بأي شكل من الأشكال على الجانب الاخلاقي والإنساني للفرد ، فالاختلافات في الرأي في المرحلة الانتقالية لأي نظام سياسي و اجتماعي "  صعبة" لكنها بمثابة نقطة تحول مهمة ، تنتهي إما إيجاباً للنظام وتطوره أو سلباً وتدمره.