​على الرغم من الهدنة غير الرسمية في اليمن مازالت العسكرة تستقطب بين 70- 80 % من خريجي الثانوية العامة تقريبا.

ولذلك أصبح واقع الحال في بعض الجامعات أن الطلاب لا يزيدون عن  20 % من إجمالي المنتسبين لها، فالإناث أصبحن  يمثلن الغالبية  الكاسحة في الجامعات الحكومية،  وحتى في الجامعات  الخاصة.

وفي بعض الكليات في الجامعات الحكومية الجديدة  عدد أعضاء الهيئة التدريسية الأساسية  والمساعدة أكبر من عدد الطلاب.

استقطاب العسكرة للشباب يعود لارتفاع مستويات الفقر، حيث يبلغ عدد الفقراء مانسبته  80 % من بين  السكان، عدا المجاعة الحقيقية التي يعاني منها قطاع واسع من الأسر. ولهذا السبب تمثل العسكرة الفرصة الوحيدة المتاحة أمام الشباب. لكن رغم ذلك وفوق ذلك يجري تجنيد الأطفال أيضا وهذا أمر مؤسف.

ويمكن أن نستنتج بصورة عامة، مما تقدم أن التعليم هو الأكثر تضررا من جراء الحرب، والعسكرة المتواصلة التي يرتفع فيها الطلب بوتيرة عالية، بالمقارنة مع أي قطاع آخر، وهذا يعني أن الحرب بقدر ما وجهت ضربة شديدة لراس المال البشري، فإنها تمثل تهديدًا لمستقبل البلد، وفي نفس الوقت أضاعت وأهدرت فرص الاستثمار، والعمل المنتج، والنمو الاقتصادي، وأعادت بلادنا عقودا إلى الوراء.

يحدث هذا في الوقت الذي  تتمتع الدول المجاورة  بالاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، والذي تمتعت به لعقود طويلة وأضعناه،  ولذلك هذه الدول تعمل على توسيع  شراكتها مع الدول المتقدمة والصاعدة،  لاستقطاب الاستثمار الذي تجاوز مرحلة التركيز على  قطاع  العقار، إلى العمل الجاد والحثيث في خلق البيئة الجاذبة، لتوطين التكنولوجيات  المتقدمة، بما في ذلك التنافس في تدعيم  بيئة و بنية الذكاء الصناعي.

كان يمكن لبلادنا لولا لعنة الحرب أن تسير في نفس السياق الطبيعي: في طريق التطور والنماء  الاقتصادي والاجتماعي، مستفيدة من موقعها المتميز، ومواردها الطبيعية والبشرية، ولذلك يتعين في ضوء ما نعانيه وما وصلت إليه أحوالنا من بؤس وألم وفاقة،  وهي مسؤولية يتحملها الخيرون، وكل الذين ينشدون المستقبل، أن ندين أي جهات أو توجهات مازالت تدعو إلى الحرب، أو تحضر نفسها لمواصلته.