هناك حديث متصاعد حول حقوق الإنسان والمطالبة بإنشاء محكمة يمنية لحقوق الإنسان، التي ينبغي لها أن تكون نوعًا من "هيئة المراقبة الخارجية" المصممة لتعزيز السيطرة على العدالة ، ولكن لا أحد يتحدث عن أن مثل هذا الهيكل لا مكان له في التشريع اليمني الحالي، وهي مسألة صعبة للغاية وتتطلب دراسة عميقة وجادة و متأنية، لاحتمالية حدوث العديد من المشاكل الإجرائية، ومخاطر انتهاك توحيد الممارسة القضائية.

إن أولوية حماية حقوق الإنسان ضرورة لا تقبل الجدل، وعن نفسي أعتبر أن المطلب منطقي، لكنه كالطفل المولود قبل أوانه، أي أن إنشاء المحكمة يتطلب عملاً إضافيًا مرتبطًا بموضوع "سيادة القانون" وتمويل المؤسسة الجديدة، والحاجة إلى إجراء التغييرات المناسبة على النظام القضائي، وقائمة من التعليمات والتوصيات إلى المحكمة العليا، بالتعاون مع وزارة العدل.

من حيث المبدأ يتخلل النظام القانوني اليمني فكرة حماية حقوق الإنسان، كما هو معلن في المادة 51 من الدستور اليمني، ومع ذلك في الممارسة العملية تحدث انتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن، بعضها خطير مثل الاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، وحتى في مجال إقامة العدل.

يجب الانتباه إلى محتوى مفهوم "الحقوق والحريات" في وضعنا الحالي الصعب، والذي فيه النظام القضائي اليمني لا يتم تطويره، وإن أزمة التقصير في حقوق الإنسان اليوم تنبع من موضوعية مشاكل العلاقة بين المواطن والنظام القضائي، لذلك من الأفضل البحث عن آليات تزيد من فعالية النظام القضائي، وأجهزة إنفاذ القانون من حيث حماية حقوق الإنسان، وأنه من المناسب البدء في بحث المسألة من ثلاثة جوانب رئيسية:

1 - تقييم نظام الأنشطة القضائية من قبل خبراء مستقلين، بما في ذلك الهيئات الدولية.

2 - جمع البيانات حول الشكاوى المقدمة ضد النظام القضائي، لتصحيح عمل النظام القائم بالفعل وإصلاح العملية الجنائية .

3 - تحليل التجارب الأجنبية الناجحة، والاستفادة منها في نظام حماية حقوق الإنسان اليمني.

من أجل تشكيل هيئة أو هيكل أعلى في مصعد حقوق الإنسان، من الضروري تعديل الدستور ومراجعة النظام القضائي بأكمله، أضف إلى ذلك أن محكمة حقوق الإنسان بالعادة هي "هيئة فوق الوطنية" يتم تشكيلها على أساس اتفاق بين مجموعة من الدول. وبالنسبة لنا من الأفضل كذلك أن تكون الفكرة على أرضية مشتركة مع دول الجامعة العربية، على غرار المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ومحكمة دول أمريكا.

في الممارسة العالمية لا يوجد نظام قضائي مثالي واحد، وفي المنظومة القضائية العربية هناك ميثاق عربي لحقوق الإنسان، تم اعتماده في 2004، هذا الميثاق يؤكد ما جاء في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وصادقت عليه اليمن في نوفمبر 2011.