وقف العملية التعليمية موضوع حساس للغاية، خاصة وأن درجة التوتر في المجتمع تتزايد على خلفية خطر، أن يكون الإضراب في قطاع التعليم سينتشر كالعدوى إلى مجالات أخرى من القطاع العام، حيث الموظفون غير راضين أيضًا عن حجم رواتبهم (سواء في مجال الإدارة - أو في مجال الرعاية الصحية) وسيخرجون إلى الشوارع في تشكيل موحد قد يتحول قريبًا إلى أزمة سياسية عميقة واسعة النطاق.

إن مشاكل المعلمين لا تكمن فقط في الرواتب الضئيلة، بل كذلك في عدم احترامهم من جانب السلطات، وإحجامها عن الدخول في حوار معهم، وعدم اهتمامها المطلق بتطوير التعليم في المناطق المحررة، وبسبب ذلك أصيب العديد من المعلمين بخيبة أمل شديدة، نتيجة عدم تلبية مطالبهم المتكررة، والتي بسببها أصبح نظام التعليم على وشك الانهيار، وقريبًا جدًا لن يكون هناك من يقوم بتدريس الطلاب.

إضراب المعلمين الآن يأتي بسبب عدم تحقيق مطالبهم العادلة، واحترام مكانتهم في المجتمع، وافتقارهم إلى الاستقلالية، فقد أثر الإضراب على قطاعات كبيرة من السكان، وكثير من الآباء الآن لا يعرفون ماذا يفعلون مع أطفالهم ومستقبل أولادهم وتعليمهم على المحك، ومع ذلك حتى مع كل هذا الضجيج والأوضاع الخطرة التي تجذب انتباه الجميع، وعمليًا الحكومة صامتة ولا يوجد حل في الأفق.

مهنة المعلم في الجمهورية اليمنية أصبحت أقل جاذبية نتيجة الراتب الضعيف، والتقليل من هيبة واحترام المعلم في مجتمعنا، حيث يندم الكثير من المعلمين اليوم على حظهم، وعلى عدم قدرتهم على تعليم الجيل الجديد بالطرق والإمكانيات الحديثة، حتى وصل الأمر إلى عدم السماح للمعلم بأخذ هواتف الطلبة أثناء الامتحانات في الفصل، ولا يُسمح له بجعلهم يرسبون.

نظرًا للفساد والهدر، قطاعات الاقتصاد العامة بأكملها في المنطقة الرمادية، وغالبية طبقتنا السياسية لا تحترم العقد الاجتماعي، ولا تفهم أن ليس لدى المعلمين أي نية لتغيير النظام السياسي في البلاد، فهم لا يشاركون عمليًا في دوامة الصراعات السياسية حول السلطة التي تدمر التعليم، كما أن السياسة التي تتبعها السلطات في تهميش الإضرابات، وإعطاء المعلمين وعودًا غامضة للغاية ” فاشلة ".

المعلمون اليوم يطالبون برواتب محترمة وبهيكلة أجورهم، حتى تتناسب مع ارتفاع سعر العملات الأجنبية أمام العملة المحلية، وظروف عمل أفضل، و صرف تسويات المعلمين المتأخرة والعلاوات المستحقة، وتحديدها كقرار بأثر رجعي، وإيقاف صرف رواتبهم تحت بند المنح والمساعدات وعبر البنوك التجارية والمصارف، أين الخطأ في هذه المطالب؟

لا أحد يقدر مهنة التدريس التي -كقاعدة عامة- هي مهنة مرهقة وبأجور متواضعة، لذلك المعلم ليس مهنة بل أسلوب حياة.