الخير في رمضان
لا يزال في الأمة خير، يضاف إليه اليوم ثقافة واعية بتنظيم عمل الخير،
وأبواب البر، والاهتمام بالوقف -كعمل إسلامي ممتدِّ عبر تاريخ الأمة- وكل
هذا مما ييسر وينظم ويعمم أعمال البر والخير.
وها هو بابٌ آخر مما يدفع إلى البر والخير والنفع، بل مما يجدِّد النوايا ويحفز العزائم، ويوقظ الهمم.. ذلك هو رمضان المبارك.. الذي هو شهر البر والبركات، وتتضاعف في الأجور، وعموم ضروب الخير؛ حيث تقوم الأمة على ساق تتواسى بالمعروف، وتتناهى عن المنكر.
فليعلم المسلم ولينتبه إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله تعالى سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا؛ ولأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد -مسجد المدينة - شهرا».. إلى أن قال: «ومن مشى مع أخيه في حاجة حتى يثبتها له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام». رواه الطبراني وغيره، وحسنه الألباني.
وإنها لمناسبةٌ تجدر بعمل الخير في رمضان شهر البر والطاعات؛ الذي يأتي هذه الأعوام في ظل وعيٍ من المسلمين بسمو دينهم، وتنظيم شئونهم، وشئون الوقف على أعمال البر والخير، وفي ظل غنى في المسلمين لم يسبق أن عاشوه من قبل، وفي ظل اطلاعٍ على حاجات إخوةٍ لهم في مشارق الأرض ومغاربها ترهقهم ذلة الطغيان تارةً وحوادث الدهر ونوبه تارات.
من أسعد اليوم حظًّا من مسلمٍ غنيٍّ وُفِّق لصيام رمضان الجار، ويستثمر نزرًا من مالك -بورك له فيه- في صدقةٍ جارية في أحد وجوه الخير، في وقفٍ على سد حاجةٍ من حاجات إخوانه المتجدِّدة؟
إن فيك خيرًا، وإنك لمن أمة الخير؛ بل من خير أمة.
إن العمل الخيري جزءٌ من شخصية المسلم، وفي جمع أوقات العام، لكنه في رمضان أوكد.. وإن إشاعة البهجة في النفوس وإسعاد الناس مما يسعد النفس الباذلة أولاً.
كان رسولنا الكريم أجود من الريح المرسلة في رمضان، كما تقول زوجه رضي الله عنها، وأمامنا من أعمال البر ومواطن الصدقة الجارية والوقف وأعمال التطوع من الكثير والنافع: الإنفاق على العلم، وكافة أشكال الإغاثة، وإطعام المساكين، وفك غرم الغارمين، ورعاية الأرامل والأيتام، وهلم جرَّا، فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وإن لربكم في أيام دهركم لنفحاتٍ، ألا فتعرضوا لها!!