خلص ما عندنا من كلام وواقع، ها هو المجلس السياسي الشمالي لجماعة الحوثي بصنعاء يسوي مشتهاه في الجنوب، وبكلمة واحدة قطعت عشر، كل ما يقول يمشي علينا، بالأمس قال إن علينا في بعض المؤسسات أن نفصل المتعاقدين الحكوميين فورًا ومنها الاتصالات، وتم له ما أراد، لم يعترض أحد من شرعية الجنوب أو المجلس الانتقالي السياسي الجنوبي، ولا رجال الحكومة؛ الكل سكت، ولازلنا نتذكر ومتأثرين بما فعل في كل خدماتنا ورواتبنا وكهربتنا حين قرر أن يوقف تصدير النفط في النشيمة وضبة، وكان له ما أراد، وشاهدنا كيف انطلقت المسيرات والصواريخ وضربت هذين الموقعين ولا يحتاج الأمر أكثر مما قيل، وتوقفت الحركة وعانينا من شحة الموارد بما فعل الحوثي بنا أو بما قررت صنعاء أن يكون وينفذ كما تريد.

هذا ما جنيناه بضعفنا وفسادنا الرسمي في الجنوب، وها هو الآن يهدد كل هؤلاء المتعاقدين في أكثر من مرفق وسيفعل وسنضطر استجابة له أن نطرد المتعاقدين في التربية والتعليم والنفط والمطارات وغيرها، ولن يعترض أحد لما يقول أو يأمر من هناك، من سيواجهه نحن الذين نسلب من الرواتب ونكتوي بلهيب الصيف من دون كهرباء في حالة مخزية ومؤلمة وفاضحة، هل بما بنا من ضعف، أو ما يسير علينا في حضرموت وعدن ولحج من تردي الخدمات والانفلات الأمني وإرهاب وقتل من دون سبب، ما هو سلاحنا القوي، لا يوجد غير انهيار تام وضعف إدارة ووجوه ما تستحي وعاجزة عن القول والفعل.

كنا طوابير ننتظر بطاقة الهوية في عدن والمكلا وسيئون وكان الحوثي يتفضل علينا بين حين وآخر بإرسال كمية أو يسمح أن يصل إليه مدراء الشرعية ويهديهم الكميات المطلوبة، عشنا هذا ولا ننكره، والآن إذا ما طرأ أمر في الطيران وتجاوزنا أو اعتقدنا أننا أصحاب قرار سيقطع كل عون وإقلاع وهبوط من مطارات عدن وسيئون، وهذا متوقع.

معاد داعي للمزايدات ونفيخ البالونات والتصريحات لم نعد فينا فائدة لأهلنا ومواطنينا في المناطق التي ندعي أنها محررة، تركناهم تحت أسياط نار الصيف، تركناهم من دون معاشات ولا تسويات، تركناهم من دون مستشفيات بها عناية وأدوية ومكيفات تصون المرضى، نحن فاشلين وهذا ما جعل صنعاء وقرارها السياسي يمشي علينا وينفذ من دون ليه.

إننا في زمن مهزلة سياسية، ومسرحيات ازدادت وكثرت وتوارت الحقائق خلف ستار الكذب والنهب والهروب وغياب الحلول، وكما قالوا لابد من صنعاء، صار اليوم ما تقول صنعاء وإن طال السفر والفقر والقهر وهذا هو الصدق والواقع أما الزريق إلا زريق.