القيادات اليمنية في الشرعية وخارجها ليست مثل باقي القيادات في الدول الأخرى التي عندما تواجه مشكلاتها السياسية أو الاقتصادية تتوقف عندها وتقر بأنها مشكلات ناتجة عن فشل وسوء إدارتها، بل نجدها تتلفت يمنة ويسرة بحثًا عن خصم أو حتى عن حليف لترمي عليه سبب فشلها ولكي تهرب من المسؤولية ومواجهة الأسباب الحقيقية والموضوعية للفشل، كما ترمي خلفها عناء البحث عن العوامل التي قد تساعدها على تفكيك الأسباب وحل مشكلاتها.

لقد سبق لتلك القيادات الهاربة أن اتّهمت الرئيس هادي بالفشل في مواجهة الحوثي عندما غزا صنعاء بعدما تركوه وحيدًا في قصره، بَل واتّهمت دول عربية بإفشال ما سمي ثورة ضد نظام علي صالح، ثم اتهموا الجنوبيين بأنهم السبب في فشل جيوش الشرعية ومرتزقة قبائلهم خلال الحرب في مواجهة انقلاب الحوثي وعلى هذا المنوال تستمر رحلة الهروب لتلك القيادات من استحقاقات تلزمهم قبل غيرهم بتخليص مناطقهم من جور وظلم مليشيات الحوثي.

هكذا هم اليوم في إعلامهم وممارساتهم السياسية يبحثون عن المُبرِّرات التي تخلي مسؤولياتهم تجاه أهلهم ومناطقهم فسخروا لذلك إعلام يكذِب، يزوِّر، يُلفِّق حملات مُوجّهة مُباشرة ضد الجنوب وبالأخص ضد المجلس الانتقالي الجنوبي.

لا يهمني كمراقب أن أتحمل ردود أفعال أبواقهم المشردة إذا ما تطفلت وناقشت القرارات الأخيرة للبنك المركزي التي أثارت حنقهم، والتي فعلًا جاءت متأخرة كما جاء قرار نقل مركز البنك قبل سنوات متأخرًا هو أيضًا، بعد أن أفرغ الحوثة خزائنه من أرصدة الاحتياطي من العملات الصعبة، وانزعاج بعض تلك القيادات العابثة بالواقع الاقتصادي ومنطق السياسة والتي رأت في هذه القرارات ضربة أو طعنة لما يسمى بالوحدة اليمنية وتعزيز فرص الانفصال وتقوية شوكة الانفصاليين الجنوبيين، بينما تدرك تلك القيادات نفسها وأبواقها قبل غيرهم أن الوحدة قد قتلها غزوهم للجنوب في 94م وتم دفنها بالغزو الحوثوعفاشي في 2015م، وهذا النوع من الكلام لا يمكن وصفه بأكثر من أنه سفسطة لا معنى لها تضاف إلى كل الخزعبلات التي تعيش عليها تلك القيادات الفاقدة لأدنى معايير الكفاءة والأمانة في الوقت الذي يثبتون فيه يومًا بعد آخر استعدادهم لبيع مواقفهم من أجل المال.

هذا الكلام الفارغ الذي نسمعه منهم وامتعاضهم من الإجراءات التي اتخذها البنك المركزي هو جزء من بنية تفكير تلك القيادات اليمنية في الشرعية وخارجها من مشردي الخارج وحتى أولئك اللاجئين في عدن وبالتالي عليهم أولًا أن يبحثوا عن أسباب فشلهم في كيفية مواجهة ما يتعرض له أهلهم ومناطقهم ويتركون الجنوب وشأنه.

لقد خبرنا منهم كل أشكال العداء من محاولات بعضهم رعاية الإرهاب الموجه ضد الجنوب سياسيًّا وإعلاميًّا وكذلك حثهم وانغماسهم في العمل على خلق مكونات جنوبية تعارض مشروع شعب الجنوب الوطني، غير مدركين أن هذا النوع من العبث بمصالح الشعبين وتعميق العداء بينهما أسلوب فاشل، فقط هم ينجحون في تبديد المال العام ويستهلكون جهودهم في مُكابرات خاسرةٍ مقدمًا، وإرضاءً لنزعات حقد تاريخي وعداء متأصل لديهم تجاه شعب الجنوب وطمعًا في إبقاء مصالحهم التي اغتصبوها من حقوق الجنوبيين.

أخيرًا، أقولها لمَن لديه القدرة على إفهام تلك القيادات اليمنية المحنطة أنّ محاولات الإضرار بالجنوب لن يعيدهم إلى أرضهم وأن الهوس الذي أصابهم وأضر بأي تفكير عاقل لديهم قد حجب عن عقولهم رؤية مصلحة شعبهم ومناطقهم على المدى البعيد وأن تحقيق مصالح آنية وشخصية ليس إلا مرحلة مؤقتة، وأنهم يهدرون الفرصة تلو الأخرى مما بقي لهم من مقدرات فيما لا ينفع أهلهم ومناطقهم الواقعة تحت سيطرة الحوثي، وحتمًا لن يوقفوا أو يضروا مسيرة شعب الجنوب.