أواخر عام2011 عقد بالقاهرة المؤتمر الجنوبي الأول (مؤتمر القاهرة) تحت شعار: "معا من أجل حق تقرير المصير لشعب الجنوب".

وقد تبنى المؤتمر، ضمن أمور أخرى، رؤية سياسية لحل القضية الجنوبية يمكن إيجازها في: فيدرالية مزمنة بين إقليمين شمال - جنوب، لفترة انتقالية في حدود خمس سنوات، يعقبها استفتاء شعب الجنوب في تقرير مصيره.

حينها أقام أصحاب الصوت العالي الدنيا ولم يقعدوها، وسيروا المسيرات، واستنفروا المواقع والقنوات لمهاجمة الرؤية وأصحابها بحجة أن الفيدرالية المزمنة تفريط وخيانة للقضية وللشعار الثلاثي (التحرير والاستقلال واستعادة الدولة)، وأن خمس سنوات فترة طويلة جدا وأن القضية أصبحت (قاب قوسين أو أدنى).

واليوم بعد 13 عاما من تلك المعركة نشهد انقلابا حادا في المواقف، وانتقالا صارخا من المزايدات إلى المناقصات، ومن أعلى السقوف إلى أدنى العروض، فهذا يبشرنا باستعدادهم للاستمرار في الحوار حول القضية الجنوبية لعشرين سنة قادمة، وذلك يترك الفترة الزمنية مفتوحة.

يكتفي بالإشارة إلى (سنوات طويلة)، وثالث يمهد لرمي المهمة برمتها على كاهل الأحفاد، (ربما لأنه اكتشف مؤخرا أن هناك ما يمنعه من الوفاء بعهد الرجال للرجال)، لكنه والحق يقال لا ينسى أن يوصيهم بقوة: (الله الله في القضية)، وقس على ذلك.

وبعد كل هذا ألا يحق لنا أن نهمس في آذانهم: إذا كانت رؤية مؤتمر القاهرة خيانة، فماذا تسمون ما تقومون به؟