(قراقوش) كان وزيرًا في عهد صلاح الدين الأيوبي، في مصر، واسمه بهاء الدين قراقوش، وقد اشتهر بأحكامه الغريبة واجتهاداته العجيبة التي صارت أمثلة للغباء والطغيان.

فيما يروى عن قراقوش أن رجلًا فقيرًا ذهب إليه يشكو ضيق مسكنه المكون من غرفة واحدة يعيش فيها مع زوجته وأطفاله وأمه وحماته، فسأله قراقوش هل لك مواشي؟ فقال الرجل: لدي حمار وبقرة وعنزتين، فقال قراقوش أدخلهم معكم في الغرفة واحضر إلىّ غدا لتخبرني كيف أمسى حالك، وفي الصباح أتى الرجل إلى قرقوش ليخبره أن الحال صار أسوأ، فقال له قراقوش إذن اخرج الحمار من الغرفة وأخبرني غدا كيف أمسى حالك.

 في اليوم التالي حضر الرجل ليخبر قراقوش أن الحال صار أفضل من الليلة السابقة، فقال قراقوش: الليلة أخرج البقرة ثم في الليلة التالية قال له اخرج العنزات وفي الصباح التالي حضر الرجل  ليشكر قراقوش قائلا: لقد أصبح حالي أفضل بكثير عن الليالي السابقة، وعاد إلى منزله فرحًا (بأن الكهرباء تنطفي أربع ساعات بدلا من سبع ساعات، بفضل (قراقيش) كهرباء عدن.

الواقع أن القراقيش ليسوا في الكهرباء فقط، ولكن الجنوب كله (مقرقش) فهناك سلطات محلية تفرض جبايات حتى على المطاعم وهناك جبايات في الطرقات والموانئ وهناك جبايات في النفط والصحة والمواصلات والاتصالات وغيرها من المؤسسات، وكل هذه الجبايات ليست قانونية، أي (قراقوشية) وهي في النتيجة النهائية تقع على ظهر المواطن الذي يتقاضى راتبًا لا يلبي الحد الأدنى من المستوى المعيشي الذي يليق بآدميته وحاجات أطفاله الضرورية جدًّا.

تذكرون قصة قطة قراقوش التي أكلت اللحم، فقد قيل إن قراقوش أحضر كيلو لحم للعشاء فقالت له الخادمة إن القطة أكلت اللحم، فأخذ قراقوش القطة ووضعها على الميزان فوزنت كيلو واحد، فقال قراقوش للخادمة (إذا كانت هذه القطة فأين اللحم وإذا كان هذا اللحم فأين القطة).

تعالوا بنا الآن نحسب توليد كهرباء عدن اعتمادًا على مقياس (قطة قرقوش).

استهلاك عدن من الكهرباء هو 750 ميجا، حسب وزارة الكهرباء، أي أن (750) ميجا ستغطي عدن 24 ساعة في اليوم، وعلى ذلك فإن حجم التوليد الذي يغطي 6 ساعات في اليوم، أي ما يعادل 25 % هو (188) ميجا تقريبا.

إذن، لماذا تعمل محطة الرئيس بطاقة مائة ميجاوات فقط في حين أن طاقتها تبلغ (240) ميجاوات وهي أكثر من إجمالي الطاقة التوليدية الحالية لكل محطات الكهرباء؟ ولماذا لم يتم إدخال محطة الطاقة الشمسية لتغطي جزءًا كبيرًا من استهلاك عدن نهارًا على الأقل؟ ثم إذا كانت محطة الرئيس تنتج مائة ميجا والمحطة البخارية تنتج 40 ميجا، فهل يعقل أن محطات الديزل، الحكومية والمستأجرة تنتج 44 ميجا فقط وبتكلفة مليون دولار في اليوم (بحساب قطة قراقوش).

الواقع أن الديزل ومحطات الديزل هي وكر فساد إذا لم نسمع تفسيرًا يؤكد عكس ذلك، وأن السكوت على هذا الواقع هو فساد بحد ذاته، بل أن حل مشكلة الكهرباء يبدأ بالاستغناء عن محطات الديزل الحكومية والمستأجرة، نهائيًّا.