دولة الشمال أتت نتاجًا لإرث الاستعمار التركي بمزيج من نمط الحكم الإمامي مع تأثير البيروقراطية الإدارية المصرية عمادها الأساسي القبيلة والطائفة.
أما دولة الجنوب فهي نتاج لإرث الاستعمار البريطاني الذي تأصل في عدن عبر الإدارة المدنية وانتشر لتأسيس واحات مدنية في سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب وركيزته الأساسية النظام والقانون واستمر كل منهما في حاضنته ولم يشكلا يومًا إرثًا وطنيًّا واحدًا وفي الواقع وجد مفهومان مختلفان لنظام الدولة أحدهما يرتكز على النظام القبلي الديني الطائفي والآخر على النظام المدني المرتكز على النظام والقانون فهذا الاختلاف الجذري بين نظامي الشمال والجنوب تغافل عنهما عند التفاوض حول الوحدة بين الدولتين المتفاوضون وهما يعرفان عمق الاختلاف الجذري في السياسات والاقتصاد وكذا الثقافات وغيرها وكل هذه الاختلافات والتناقضات شكلا بعد الوحدة عائقًا كبيرًا أمامها وهذا ما أثبتته التجربة العملية التي فشلت فشلًا ذريعًا منذ اليوم الأول وتحولت إلى كارثة ومأساة يتجرعها إلى اليوم الشعبان الشمالي والجنوبي على حد سواء.
تعتبر الدولة في الشمال كأنها ملكية شخصية يتصرف فيها المسؤول الشمالي دون التفريق بين ما هو عام وما هو خاص وبالتالي لا يفرق بين الحلال والحرام ومع الأسف وبطول فترة الاحتلال للجنوب انتقل هذا المرض إلى المسؤولين في الجنوب وأصبح الكثير من الجنوبيين يتصرفون في شؤون مسؤولياتهم وكأنها ملكية شخصية لا فرق بين العام والخاص ولا الحلال والحرام.
لو كانت هناك دولة في الشمال لما شنت حربًا عام 94م على الجنوب وما كانت ستسمح بإصدار فتوى تبيح قتل الجنوبيين ومصادرة ممتلكاتهم ولا سمحت للعناصر الإرهابية أن تدخل ضمن قوام الجيش والأمن السياسي الشمالي وما سمحت لقادة الإخوان المسلمين المعارضين لقيام الوحدة بشن حملات ضد الجنوب الذي وصفوه بالكافر.. ولو كانت هناك دولة في الشمال لما سمح للرعاع بنهب عدن وتشليح كل مؤسسات الدولة الجنوبية.. ولو كانت هناك دولة كانت ستحافظ على ممتلكات الدولة الجنوبية والملكيات الخاصة من النهب والمصادرة.
فهذه النماذج تدل دلالة قاطعة بأن الشمال مستحيل أن يقيم دولة ولو على المدى المنظور وكل الإجراءات التي لحقت احتلال الجنوب أكبر دليل على ما نقول، حيث تم تعميم أنموذج النظام الشمالي على كامل الجنوب بعد أن تم تدمير مؤسسات دولة الجنوب السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وحتى تعميم الثقافة وإثارة النعرات القبلية والثارات وكذا زرع الإرهاب عبر القاعدة وأخواتها.
ألغيت الشراكة بين الجنوب والشمال بحرب 94م وأصبح نظام الجمهورية العربية اليمنية هو السائد وأعطي حيز للإخوان المسلمين في كل مفاصل الدولة مقابل اشتراكهم بالإطاحة بالجنوب وتضخم الفساد حتى أصبح يزاحم بعضه البعض وانفجرت الخلافات الحادة بين المؤتمر والإصلاح وجاء الربيع العربي وصار ما صار..
من تحالفات انتهت بالانقلاب على الشرعية بتحالف عفاش مع الحوثيين وعندها سقطت الدولة الهشة في أول اختبار سياسي وتحولت كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية إلى أداة بيد النظام السلالي والطائفي الجديد وأصبحت أكثر هشاشة وفسادلا تستند إلى أية قوانين وضعية وتزعم أنها تستمد سلطتها من التمكين الإلهي.
السؤال كيف يمكن التفاهم مع هكذا نظام الذي يستلم الإلهام من السماء ويبني نظامًا سلاليًّا عنصريًّا. وبالمقابل انتقلت الشرعية إلى الجنوب وحاولت بناء دولة الإخوان إلا أنها فشلت وتم استبدالها لتكرار محاولة بناء دولة المؤتمر عبر تفكيك الانتقالي في الجنوب، ومع الأسف تحظى بدعم إقليمي ودولي ومع ذلك ترفع شعار استعادة الدولة الضائعة لكنها في الواقع لا تعمل شيئًا غير اختطاف الجنوب.. والمفارقة العجيبة بأن انقلابي صنعاء والشرعية يجمعهما قاسم مشترك هو احتلال الجنوب في الأعوام 94 م و2015 و2019م.
الحرب أفرزت واقعًا سياسيًا وعسكريًّا على الأرض.. حوثي مسيطر على أجزاء واسعة من الجمهورية العربية اليمنية وانتقالي مسيطر على معظم أراضي الجنوب وهناك نتوءات في مأرب وتعز والمخا تسيطر عليها قوى شمالية وهناك أراضٍ في الساحل الغربي حررتها القوات الجنوبية..
والسؤال هنا كيف يعترف الإقليم والعالم بالحوثي ويتفاوض معه كقوة مسيطرة ولكنه لا يعترف بالمجلس الانتقالي المسيطر على معظم أراضي الجنوب ولم يقبل التفاوض معه بينما يضع الشرعية كند للحوثي والتي ليس لها وجود على أرض الواقع؟
أظهرت خارطة الطريق المزمع فرضها بأنها تسير نحو تسوية بين الانقلابيين والشرعية بعيدًا عن الجنوب الذي عليه وفقا لهذه الخارطة أن ينتظر إلى أن تتم التسوية بينهما وتعود مياههم إلى مجاريها ومع إبقاء الجنوب رهينة بيد الشرعية دون تحديد سقف زمني للانتظار، مع العلم بأن الحوثي لن يسلم السلطة ولن يقبل بشراكة مع أحد ومن يأتي إليه سيكون تحت لواء زعيم الثورة ويحاول المزايدة على الوحدة من خلال رفع لوائها لكسب الرأي العام في مناطق سيطرته وسيدخل البلاد والعباد في حروب لا نهاية لها ولن يقف في مواجهته غير الجنوب، أما الشرعية لا علاقة لها بشيء غير أنها تستفيد وتقطف ثمار نصر الجنوب.
تحت الطاولات تجري مفاوضات متعددة المحاور بين القوى اليمنية (الحوثي والإخوان المسلمين وحتى الشرعية وبقية القوى من الأحزاب القومية) على إيجاد توليفة للحكم وتحاول تجر في قاطرتها بعض القوى الجنوبية المنتفعة من الاحتلال الشمالي للجنوب وكل ذلك سيكون على حساب الجنوب ولهذا أصبح من الواجب والضروري أن تستفيق كل القوى الجنوبية من سباتها وأن يعاد إصلاح اللحمة الجنوبية من خلال مبادرة جديدة تضمن وقوف كل قوى الجنوب صفًا واحدًا لمواجهة هذه الغطرسة واللف والدوران التي تقوم به القوى السياسية اليمنية والذي همها الوحيد هو إعادة الجنوب إلى باب اليمن.
لا يوجد طريق آخر لدى الجنوبيين إلا إيجاد صيغة جديدة من رص الصفوف والتفاهم حول مستقبل الجنوب وأخذ مواقف صارمة وخاصة وقد انكشفت كل النوايا المبيتة حول مصير الجنوب من قبل كافة القوى السياسية والقبلية اليمنية وفي نفس الوقت إظهار وحدة الجنوبيين لإفشال أية مؤامرات أخرى لإعادة الجنوب إلى باب اليمن.
الاستعجال في فرض تسوية من قبل الإقليم، والعالم وهم يعرفون أنها غير قابلة للتطبيق بحكم أنهم انحرفوا عن الطريق الصحيح وذهبوا بمسارات أخرى لا تلبي متطلبات وشروط التسوية الآمنة والمستدامة وكان مدخلهم أن يتم تقسيم الثروة بين الانقلابيين والشرعية الهاربة وهم بهذا يقصدون ثروات الجنوب وتناسوا بأن هذه الثروات ليست ملك الإقليم والعالم ولكنها ملك شعب الجنوب وهو من يقرر كيف سيتم استثمارها ولن يقبل شعب الجنوب استبدال ثرواته مقابل وجبة مكونة من روتي وفاصوليا فمفتاح الحل هو مساعدة الجنوب والشمال على بناء دولتيهما كل على الطريقة التي يراها كل منهما فالجنوب لا يستطيع العيش بدون دولة النظام والقانون.
أما دولة الجنوب فهي نتاج لإرث الاستعمار البريطاني الذي تأصل في عدن عبر الإدارة المدنية وانتشر لتأسيس واحات مدنية في سلطنات وإمارات ومشيخات الجنوب وركيزته الأساسية النظام والقانون واستمر كل منهما في حاضنته ولم يشكلا يومًا إرثًا وطنيًّا واحدًا وفي الواقع وجد مفهومان مختلفان لنظام الدولة أحدهما يرتكز على النظام القبلي الديني الطائفي والآخر على النظام المدني المرتكز على النظام والقانون فهذا الاختلاف الجذري بين نظامي الشمال والجنوب تغافل عنهما عند التفاوض حول الوحدة بين الدولتين المتفاوضون وهما يعرفان عمق الاختلاف الجذري في السياسات والاقتصاد وكذا الثقافات وغيرها وكل هذه الاختلافات والتناقضات شكلا بعد الوحدة عائقًا كبيرًا أمامها وهذا ما أثبتته التجربة العملية التي فشلت فشلًا ذريعًا منذ اليوم الأول وتحولت إلى كارثة ومأساة يتجرعها إلى اليوم الشعبان الشمالي والجنوبي على حد سواء.
تعتبر الدولة في الشمال كأنها ملكية شخصية يتصرف فيها المسؤول الشمالي دون التفريق بين ما هو عام وما هو خاص وبالتالي لا يفرق بين الحلال والحرام ومع الأسف وبطول فترة الاحتلال للجنوب انتقل هذا المرض إلى المسؤولين في الجنوب وأصبح الكثير من الجنوبيين يتصرفون في شؤون مسؤولياتهم وكأنها ملكية شخصية لا فرق بين العام والخاص ولا الحلال والحرام.
لو كانت هناك دولة في الشمال لما شنت حربًا عام 94م على الجنوب وما كانت ستسمح بإصدار فتوى تبيح قتل الجنوبيين ومصادرة ممتلكاتهم ولا سمحت للعناصر الإرهابية أن تدخل ضمن قوام الجيش والأمن السياسي الشمالي وما سمحت لقادة الإخوان المسلمين المعارضين لقيام الوحدة بشن حملات ضد الجنوب الذي وصفوه بالكافر.. ولو كانت هناك دولة في الشمال لما سمح للرعاع بنهب عدن وتشليح كل مؤسسات الدولة الجنوبية.. ولو كانت هناك دولة كانت ستحافظ على ممتلكات الدولة الجنوبية والملكيات الخاصة من النهب والمصادرة.
فهذه النماذج تدل دلالة قاطعة بأن الشمال مستحيل أن يقيم دولة ولو على المدى المنظور وكل الإجراءات التي لحقت احتلال الجنوب أكبر دليل على ما نقول، حيث تم تعميم أنموذج النظام الشمالي على كامل الجنوب بعد أن تم تدمير مؤسسات دولة الجنوب السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وحتى تعميم الثقافة وإثارة النعرات القبلية والثارات وكذا زرع الإرهاب عبر القاعدة وأخواتها.
ألغيت الشراكة بين الجنوب والشمال بحرب 94م وأصبح نظام الجمهورية العربية اليمنية هو السائد وأعطي حيز للإخوان المسلمين في كل مفاصل الدولة مقابل اشتراكهم بالإطاحة بالجنوب وتضخم الفساد حتى أصبح يزاحم بعضه البعض وانفجرت الخلافات الحادة بين المؤتمر والإصلاح وجاء الربيع العربي وصار ما صار..
من تحالفات انتهت بالانقلاب على الشرعية بتحالف عفاش مع الحوثيين وعندها سقطت الدولة الهشة في أول اختبار سياسي وتحولت كل أجهزة الدولة المدنية والعسكرية إلى أداة بيد النظام السلالي والطائفي الجديد وأصبحت أكثر هشاشة وفسادلا تستند إلى أية قوانين وضعية وتزعم أنها تستمد سلطتها من التمكين الإلهي.
السؤال كيف يمكن التفاهم مع هكذا نظام الذي يستلم الإلهام من السماء ويبني نظامًا سلاليًّا عنصريًّا. وبالمقابل انتقلت الشرعية إلى الجنوب وحاولت بناء دولة الإخوان إلا أنها فشلت وتم استبدالها لتكرار محاولة بناء دولة المؤتمر عبر تفكيك الانتقالي في الجنوب، ومع الأسف تحظى بدعم إقليمي ودولي ومع ذلك ترفع شعار استعادة الدولة الضائعة لكنها في الواقع لا تعمل شيئًا غير اختطاف الجنوب.. والمفارقة العجيبة بأن انقلابي صنعاء والشرعية يجمعهما قاسم مشترك هو احتلال الجنوب في الأعوام 94 م و2015 و2019م.
الحرب أفرزت واقعًا سياسيًا وعسكريًّا على الأرض.. حوثي مسيطر على أجزاء واسعة من الجمهورية العربية اليمنية وانتقالي مسيطر على معظم أراضي الجنوب وهناك نتوءات في مأرب وتعز والمخا تسيطر عليها قوى شمالية وهناك أراضٍ في الساحل الغربي حررتها القوات الجنوبية..
والسؤال هنا كيف يعترف الإقليم والعالم بالحوثي ويتفاوض معه كقوة مسيطرة ولكنه لا يعترف بالمجلس الانتقالي المسيطر على معظم أراضي الجنوب ولم يقبل التفاوض معه بينما يضع الشرعية كند للحوثي والتي ليس لها وجود على أرض الواقع؟
أظهرت خارطة الطريق المزمع فرضها بأنها تسير نحو تسوية بين الانقلابيين والشرعية بعيدًا عن الجنوب الذي عليه وفقا لهذه الخارطة أن ينتظر إلى أن تتم التسوية بينهما وتعود مياههم إلى مجاريها ومع إبقاء الجنوب رهينة بيد الشرعية دون تحديد سقف زمني للانتظار، مع العلم بأن الحوثي لن يسلم السلطة ولن يقبل بشراكة مع أحد ومن يأتي إليه سيكون تحت لواء زعيم الثورة ويحاول المزايدة على الوحدة من خلال رفع لوائها لكسب الرأي العام في مناطق سيطرته وسيدخل البلاد والعباد في حروب لا نهاية لها ولن يقف في مواجهته غير الجنوب، أما الشرعية لا علاقة لها بشيء غير أنها تستفيد وتقطف ثمار نصر الجنوب.
تحت الطاولات تجري مفاوضات متعددة المحاور بين القوى اليمنية (الحوثي والإخوان المسلمين وحتى الشرعية وبقية القوى من الأحزاب القومية) على إيجاد توليفة للحكم وتحاول تجر في قاطرتها بعض القوى الجنوبية المنتفعة من الاحتلال الشمالي للجنوب وكل ذلك سيكون على حساب الجنوب ولهذا أصبح من الواجب والضروري أن تستفيق كل القوى الجنوبية من سباتها وأن يعاد إصلاح اللحمة الجنوبية من خلال مبادرة جديدة تضمن وقوف كل قوى الجنوب صفًا واحدًا لمواجهة هذه الغطرسة واللف والدوران التي تقوم به القوى السياسية اليمنية والذي همها الوحيد هو إعادة الجنوب إلى باب اليمن.
لا يوجد طريق آخر لدى الجنوبيين إلا إيجاد صيغة جديدة من رص الصفوف والتفاهم حول مستقبل الجنوب وأخذ مواقف صارمة وخاصة وقد انكشفت كل النوايا المبيتة حول مصير الجنوب من قبل كافة القوى السياسية والقبلية اليمنية وفي نفس الوقت إظهار وحدة الجنوبيين لإفشال أية مؤامرات أخرى لإعادة الجنوب إلى باب اليمن.
الاستعجال في فرض تسوية من قبل الإقليم، والعالم وهم يعرفون أنها غير قابلة للتطبيق بحكم أنهم انحرفوا عن الطريق الصحيح وذهبوا بمسارات أخرى لا تلبي متطلبات وشروط التسوية الآمنة والمستدامة وكان مدخلهم أن يتم تقسيم الثروة بين الانقلابيين والشرعية الهاربة وهم بهذا يقصدون ثروات الجنوب وتناسوا بأن هذه الثروات ليست ملك الإقليم والعالم ولكنها ملك شعب الجنوب وهو من يقرر كيف سيتم استثمارها ولن يقبل شعب الجنوب استبدال ثرواته مقابل وجبة مكونة من روتي وفاصوليا فمفتاح الحل هو مساعدة الجنوب والشمال على بناء دولتيهما كل على الطريقة التي يراها كل منهما فالجنوب لا يستطيع العيش بدون دولة النظام والقانون.