نحن في الجنوب لا يهمنا من يفوز في المنافسة الانتخابية القادمة في أمريكا، ولا تهمنا أجندات الحلفاء في الشرق والغرب، الشيء الوحيد الذي يهمنا هو أننا ماضون في استعادة الدولة.

يقف ترامب وتحيط به صناديق من الحبوب والبيض والمعجِّنات، يهتف لأنصاره أنه سيخفض الأسعار حال فوزه في الانتخابات، بينما يقف جو بايدن في الضِّفّة الأخرى يصفِّق لنائبته كامالا هاريس، لأنها اتفقت مع شركات أدوية بخفض أسعار 10 أدوية رئيسية تعد أكثر استخداماً بين كبار السن.

الجميل في المنافسة أن المرشحَين كلاهما يريدان خدمة المواطن الأمريكي، لكن في بلاد العرب ليس للمواطن نصيب من هذه المنافسة حينما يتعلق الأمر بالديمقراطية العربية.

في بلدنا الجنوب الذي كان يعيش رخاءً في زمن الدولة الفتية، أصابهُ الشقاء على مدى أكثر من ثلاثة عقود، بينما يقف الآن على حافة الجوع.

أمّا التحدي أمام المكوّن السياسي الأبرز "المجلس الانتقالي" أن ينهض بالمهمة الكبرى، ويعيد تصحيح المسار وتقييم الوضع، ولهُ أن يدرك

أن المسؤولية على عاتقه أكبر مما يراها البعض أنها لا تنفك عن دبلوماسية الشراكة مع حكومة الشرعية.

يذهب رؤساء أمريكا لترضية المواطن بخفض الأسعار، ولا يتحرّج ترامب أن يضع صناديق البيض بجانبه طمعاً في كسب صوت الناخب الأمريكي، وكأنه يريد أن يخبر العالم أن السياسة تبدأ من هنا، من عند صندوق البيض، وأن هذا الصندوق أولى بالرعاية من صندوق الانتخاب، فالاقتصاد والطعام أولاً، وليس السياسة أو الشعارات التي لا تُغني ولا تُسمن من جوع.

سيكون أمام المجلس الانتقالي مهمة توثيق علاقته بالشعب، وأن يبعث رسالة طمأنة للمواطن الجنوبي، ويعلنها صراحة أن تحسين معيشته في الذِّمَّة، ويبدأ من الآن حالة نفير لوضع معالجات لكل المشكلات، وعلى رأسها مشكلة الخدمات.

إن الرؤساء الكبار يصفِّقون لخفض الأسعار، هذا بايدن يمتدح نائبته هاريس لجهودها في خفض أسعار الدواء، فتهتف هي لتصفيقه الحار قائلة: "شكراً جو.. شكراً جو"، حتى قال عنها ترامب إنها "رئيسة فظيعة".

ايُّها الجنوبيون اشحذوا الهِمَم، فالمهمة صعبة، وحذار أن تكسلوا، أو تعوِّلوا على قريبٍ أو بعيد، قال الشاعر:

وإنما رجلُ الدنيا وواحدُها

مَنْ لا يعوِّلُ في الدنيا على أحدِ

سيأتي المتربصون بالجنوب وأهله بجلب المصائب على رؤوسنا، وسيحركون ذبابهم الإلكتروني، ورمي الملابس المرقّعة في وجوهنا، لكِنّا سنكون مثل قيس بن عاصم المنقريّ، ذلكم الرجُل كان من حُلماء العرب، ذات مساء كان محتبياً يكلّم قومهُ بقصة، فأتاه رجلٌ فقال: قُتِلَ ابنُك الآن، قَتَلَهُ ابنُ فلانة، فما حلّ حبوته، ولا أنهى قصته، حتى انتهى من كلامه، ثم قال: غسِّلوا ابني وكفِّنوه، ثم آذنوني بالصلاة عليه.

الشعب يتطلع إلى جنوب لا تفتُّ في عَضُده المصائب، ولا تهزُّه الأراجيف.. وسلامتكم.