المقلى هو عبارة عن (خصار) وهو طريقة لطبخ السمك (صيد مقلى) ويتكون من السمك والخضار اللازمة ليكتمل المقلى العدني، وقد كان إخوتنا من أبناء الشمال الذين كانوا يعيشون معنا يسمونه (مقلى حديدي) نسبة إلى مدينة الحديدة الجميلة، بجغرافيتها وناسها.

كان إخوتنا أولئك يتندرون على النظام في الجنوب الذي كان يأويهم ويمكنهم من كامل حقوق المواطنة بعكس حال أبناء الجنوب في الشمال الذين كانت مواطنتهم منقوصة، وتبوأ أبناء الشمال أعلى المناصب في الجنوب بصلاحيات مطلقة، فيما تم تعيين أبناء الجنوب في الشمال بعد 1994م ليحملوهم أوزار الضيم الذي أصاب الجنوبيين وأشهرها مجزرة (خليك في البيت).

كان تندرهم على (المقلى العدني) أنه لم يحدث يومًا أن اكتمل، فإذا وجدت البصل لم تجد الطماطم وإذا وجدت البسباس (الشطة) لم تجد الزيت، لكن مع ذلك كان يتم طبخ المقلى العدني وإن كانت هناك نواقص، أما اليوم فقد اختفى هذا المقلى من كل بيوت عدني بسبب عدم قدرة الناس على شراء مكوناته.

كل وزارة من وزارات (حكومة الشلل) تتحمل وزر اختفاء المقلى العدني وتردي المعيشة والخدمات في عدن وكل المحافظات الواقعة تحت سلطتها، فحيثما وليت وجهك ستجد صورة من صور المعاناة، فكل وزير يحرص على توفير جوقة من الطبالين أكثر من حرصه على وجود فريق من الفنيين المختصين ينهض بواجبات وزارته ويضع مصالح الناس على رأسها.

ولكي لا أكون ظالمًا في حكمي فقد كنت يوم الخميس الماضي في زيارة وزير الخدمة المدنية لعرض إنساني، وكان وصولي مع نهاية ساعات الدوام، وكانت قاعتي الانتظار في مكتبه تعج بمواطنين ينتظرون مقابلته وحين سألته عن ذلك قال (من العيب أن أغادر مكتبي والناس ينتظرون مهما كان عددهم)، هذا الوزير لا يملك جوقة تطبيل.

لن نتحدث عن المماحكات التي تتسابق فيها الشرعية مع الحوثي بتعذيب الناس في المطارات فـ 99.9 % لا يقوون على السفر، ولن نتحدث عن (خبل) حكومي يمكّن سلطة صنعاء من موارد يمن موبايل ويمن نت بإقفال سبيستل في عدن لوحدها، وحصر شبكة بن دغر (عدن نت) لذوي الرواتب الدولارية بدلًا من تقديمها للناس بأسعار منافسة تناسب دخولهم التي يعرفونها ولا يخجلون، لن نتحدث عن المعاناة مع المياه والثقب الأسود المسمى كهرباء، لن نتحدث عن تردي الخدمات الصحية وتغول القطاع الخاص في الصحة وتجارة الأدوية المزاجية.

لن نتحدث عن كل ذلك لأنه تأكد للناس أنكم مجرد ظواهر صوتية (فشنك)، نحن فقط نطالبكم بأن تكفروا عن جزء من ذنوبكم وتعيدوا (المقلى العدني) إلى بيوتنا لنطعم أطفالنا، أما باقي صور المعاناة فسنتحملها إلى أن تأتي موجة (تزفكم) إلى مزبلة التاريخ كما (زفت) الذين سبقوكم، وكفى.