مرهق منهك متعب أنا.. القلب والشرايين والجسد موجوع من شدة الصدمات المعيشية اليومية.. أريد فقط أنام نوما عميقا من دون أن يؤذيني أحد، أنام حين أحتاج أن أنام وأصحو براحتي دون أن يخبرني أحد عن قصص الحرية والكرامة وصناعة الأوطان والشعوب الجبارة الصامدة وسط الانهيار والفناء طول الدهر والزمان.

اشتقت لحياة الإنسان وحياة طبيعية من دون كد ولا شقاء ولا عناء، حين تبدأ عيناي بالنعاس أريد القرار قراري وأرتمي بالفراش وأرى من نافذتي ذلك السماء الفسيح والفضاء الكبير يتوسطهم القمر والنجوم المتلألئة وعجائب ربي وكأنهم يسامروني ويبرقون لي إشعاعات من النور والأمان وأنهض صباحا على زقزقة العصافير وهي تقف على شباك نافذتي.

أريد أنام ولا يسمعني أحد.. إن النخب البطولية ورواد الهمم غادروا إلى الأرض الأوربية أرتالا يلبسون رابطات العنق وملابس الصوف، تفوح منهم روائح العطور الساحرة متجهين إلى أفخم القصور يعقدون مؤتمرات تختص بقضايا الشعوب وإنسانيتها وحريتها.

من هول عالم النزوح إلى عدن أريد أنام دون أن تقرع بابي مسنة نازحة أو طفل أو طفلة جائعون يطلبون رغيف الخبز أو معطف فيتضاعف عندي الوجع والحزن فلا أستطيع أن أسعفهم ولا أستطيع النوم.

أريد أنام فقط لاسترخاء عضلات جسمي المحطمة واستعادة توازني كي أفيق من هذا الكابوس الذي طوق حياتنا من دون رحمة.

أريد أن أنام ولا يرشدني أحد إلى أن الحر الشديد وعذابات كهربائية دامت خمسين عاما هي فخر الثورات والنضال والبطولة من أجل بناء الأوطان الحرة.

أريد أنام فقط مثل طائر تائه يحلق بالسماء في لوعة وحنين للبيت والمأوى فوجد عشه وداره وارتمى ونام بسلام.. فقط أمنية إنسان.