> عدن "الأيام" علاء أحمد بدر:
- صحة البريقة: الاكتئاب والقلق وتعاطي المخدرات هي الدوافع الرئيسة للإعاقة
- صحة صيرة: نقوم بتفتيش الصيدليات بحثًا عن أدوية نفسية تستخدم كمخدر
- ناشطة مجتمعية: هناك ارتباط بين الإدمان على الحبوب النفسية وارتكاب الجرائم
فالصحة النفسية جزءً لا يتجزأ من الصحة العامة، ولا تكتمل دون الصحة النفسية وتشمل السلامة العاطفية والنفسية والاجتماعية التي تؤثر في طريقة التفكير والشعور والعمل، والتواصل مع الآخرين.
كما أنها تساعد على تحديد كيفية التعامل مع الإجهاد والضغوط، واتخاذ قرارات صائبة، فالصحة النفسية مهمة في كل مرحلة من مراحل الحياة، من الطفولة والمراهقة حتى مرحلة البلوغ والشيخوخة.
ونحن نتحدث عن كل هذه العوامل لا بد لنا أن نتحدث عن الأحداث الكبرى في العالم والمجتمعات التي تعاني ويلات الحروب والصراعات كما تشهده بلادنا وأثر ذلك على جميع المستويات مما شكل ازدياد إصابة الأفراد والناس بحالات نفسية مع ازدياد ضغوطات الحياة، إضافةً إلى ما تشهده هذه المجتمعات من تعاطي المخدرات والترويج لها بشكل واسع جراء غياب الدور الفاعل الدولة ممثلةً بمؤسساتها الأمنية والصحية والرقابية.
وفي هذا الإطار أرادت "الأيام" تسليط الضوء بشكلٍ أكبر على شريحة المرضى النفسيين في يومهم العالمي والذي تحتفي به جميع الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة.
ويشرح مدير مكتب وزارة الصحة العامة والسكان في مديرية البريقة د. فهد عبدالقوي سيف العلوي أن مشكلات الصحة العقلية هي أحد الأسباب الرئيسة لزيادة عبئ المرض العام في جميع أنحاء العالم، وأن معضلة الصحة العقلية والسلوكية مثل الاكتئاب، والقلق، وتعاطي المخدرات، هي الدوافع الرئيسة للإعاقة عالميًا.
وإن ممارسة النشاط البدني وتمارين الاسترخاء، والابتعاد عن الضغوط، ومرافقة الإيجابيين، وطلب المساعدة عند الحاجة، يعزز من الصحة النفسية، ويرفع جودة الحياة.
ولا شك أن للمؤسسات الصحية دور بارز في مواجهة هذه الأمراض والظواهر السلبية التي تخلط بالتعاطي الخاطئ لأدوية الأمراض النفسية من قبل الشباب بسبب الأعراض الجانبية التي يجد فيها نوع من النشوة والهروب من الواقع الذي يعيشه.
ويمضي د. فهد العلوي قائلًا "من الأدوار التي يقوم بها مكتب الصحة على مستوى المديرية تفعيل الجانب الرقابي على الصيدليات وآلية صرف الأدوية الخاصة بالأمراض النفسية والعصبية وفرض تقييد الوصفات الخاصة بهذه الأمراض في سجلات خاصة لمقارنة ما يتم شرائه مع ما يُـصرف".
ويضيف مدير مكتب الصحة في مديرية البريقة أن هناك دور في الجانب الإعلامي من خلال فرق التثقيف التابعة لمكتب الصحة العامة والسكان في المديرية والذي يقوم بدور توعوي للمواطنين من خلال المنشورات المطبوعة أو التوعية المباشرة للشباب بغية رفع الوعي بمشكلات الصحة النفسية وتكريس وتفعيل الجهود لدعم الصحة النفسية، وتقليل الوصمة المجتمعية.
كما يقوم مكتب الصحة في البريقة بتوفير خدمات الصحة النفسية بصورتها المتواضعة وحسب الإمكانيات المتاحة في بعض أقسام العيادات الصحية بالتعاون مع المنظمات الداعمة ومؤسسات المجتمع المدني المهتمة بهذا الجانب.
واختتم العلوي كلامه قائلًا "كما نعمل على رفع توصياتنا بمزيد من الاهتمام لموضوعات الصحة، والمشكلات النفسية في جميع الاجتماعات والفعاليات التي تخص مكتب الصحة العامة والسكان في مديرية البريقة وأنشطته".
من جهتها تحدثت مديرة مكتب وزارة الصحة العامة والسكان في مديرية صيرة الدكتورة أماني عبدالله ناصر عمبر قائلةً "نحن في مكتب الصحة نقوم بإجراء نزولات دورية إلى مختلف الصيدليات الخاصة والحكومية كإجراء روتيني عبر لجنة نكلفها برئاستي شخصياً ومع رئيسة قسم الشؤون الصيدلانية بالمكتب ورئيس قسم الرقابة والتفتيش من أجل التفتيش عن الأدوية المهربة بشكل عام وخاصة الأدوية التي تختص بالأمراض النفسية والتي تُـصرَف للشباب "أحيانًا" لاستخدامها كأدوية مخدرة مما يؤدي إلى تفشي تعاطي الحبوب المهدئة".
وأضافت مديرة مكتب الصحة في مديرية صيرة أن هناك تعميمًا صادرًا عن وزير الدولة محافظ العاصمة عدن بخصوص منع بيع الأدوية المخدرة، وعلى إثره تم توجيه رسالة من مدير عام مديرية صيرة ومدير عام مكتب الصحة العامة والسكان في العاصمة عدن تفيد بضرورة التقصي وفرض الرقابة على الأدوية والحبوب المهدئة في مخازن الأدوية (الصيدليات) بالمديرية وعلى ضوء تلك الرسالة تم إصدار تعميم لكافة الصيدليات الحكومية والخاصة بعدم صرف أيٍّ من تلك الأدوية إلا بوصفة من طبيب متخصص، إضافةً إلى فتح سجل في كل صيدلية بأسماء وعناوين وأرقام تلفونات المرضى الذين حصلوا على تلك الأدوية لكي يتعيَّـن على لجان الرقابة والتفتيش مراقبة عملية صرفها وحصر كمياتها، وبهذا الإجراء نستطيع مراقبة عملية بيع هذه الأدوية في ظل تفشي ظاهرة تعاطي بيع الحبوب المخدرة بين أوساط شبابنا.
ولفتت الناشطة الاجتماعية سناء جميل يحيى خدشي إلى أن تعاطي المخدرات ليست مجرد فعل انعزالي بل هي مشكلة يمتد أثرها إلى نسيج مجتمع بأكمله، مردفةً أن هناك ارتباط بين الإدمان وارتكاب الجرائم، فتعاطي الحبوب المخدرة تقود صاحبها إلى تدهور القيم الاجتماعية حيث أن المدمن يبحث عن المال بأي وسيلة لشراء الأدوية النفسية.
وأضافت خدشي أن هناك تأثيرات نفسية للمدمن وسلوكيات عدوانية وعنيفة تدفعه إلى ارتكاب جريمته.
وقالت سناء "إن من أسباب ازدياد تعاطي الحبوب المخدرة بين أوساط الشباب هي: الفقر، والبطالة، والظروف الاقتصادية، والاجتماعية، والتعرض للعنف، والإهمال الأسري في طفولة المدمن".
وأكدت الناشطة سناء جميل أن استخدام الأدوية النفسية والعصبية تؤثر على الأسرة والمجتمع، فالمتعاطي عندما لا تتوفر لديه المادة المخدرة التي بات متعودًا على تناولها لغرض التخدير، فإنه يتعرض للاكتئاب، والقلق، والتشنج، والعصبية، وعدم التحكم في عضلات الجسم، ويُـلاحَـظ عليه رجفة في اليدين، فهذا يُـسبب له أثر رجعي وخطورة وضرر على الأسرة والمجتمع، فيؤدي إلى حدوث جرائم بسبب فقدان العقل وعدم السيطرة على النفس من قبل المدمن.
وحول شراء ومضغ مادة "القات" يوميًا لدى المراهقين والشباب أوضحت سناء جميل خدشي أن تعاطي القات في مجتمعنا باتت ثقافة سائدة على الرغم من أنه مُـصنَّـف من أنواع المخدرات المهدئة، فكثير جدًا من الشباب تطور الأمر لديهم فأصبحوا لا يستغنون عن تعاطي القات والحبوب المهدئة بل العديد منهم يتناول تلك الحبوب مع مضغه للقات، وآخرون يضع الأدوية المهدئة للأعصاب داخل قناني المشروبات الغازية أو الماء وهذه منتشرة هنا في العاصمة عدن.
وعددت سناء جميل يحيى أسباب أخرى لهذه الظاهرة منها قلة الوعي، والفراغ الكبير لدى الشباب وعدم استغلال طاقاتهم في شغر الوظائف المتوفرة، بالإضافة إلى قلة تقدير الذات والشعور بالرفض الاجتماعي، وعدم إعطائهم الفرصة في التغيير، ومجالسة أصدقاء السوء، وانعدام رقابة الأسرة على الأبناء، وكذلك الشعور بالوحدة.
ودعت الناشطة سناء جميل خدشي الجهات المعنية لتشديد قبضتها من خلال الرقابة الأمنية على مروجي المهدئات المخدرة، ومن يقوم ببيعها على الشباب واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم وتفعيل القانون وفرض العقوبات.
علاوةً على ذلك، بيَّـنت رئيسة جمعية العيدروس النسوية التنموية الخيرية سمية أحمد القارمي أن الأسرة نواة المجتمع ولكل مجتمع دولة، ولكل دولة نظام وقانون ورقابة وقبل كل ذلك هناك قيم ومبادئ وأخلاق ودين يحكم الجميع.
وتأسفت القارمي خلال حديثها على وجود عدد من الاختلالات في المجتمع المحلي خاصة بعد انقضاء حرب عام 2015م وما تبعتها من أوضاع اقتصادية منهارة والتي نتجت عنها نظرًا لسوء إدارة الدولة والتدخل الخارجي على كل المقدرات وضعف الإنتاج وتراجع أبجديات التنمية والتي كان يعيش عليها المجتمع، بالإضافة إلى غياب تام للمشروعات التي تمتص البطالة، ناهيك عن التعليم التقليدي وبيئته الطاردة، وغياب النوادي الثقافية، وبهذا تكون قد أُغْـلِـقَـت عن الشباب كل سبل الحياة.
وأضافت سمية أن غياب الدور الديني كان له التأثير الأكبر في ضياع الشباب في المجتمع وكلها عوامل ساعدت على انتهاك فطرة الشباب وجعلته عرضةً للمخدرات والجرائم، مؤكدةً أن الأسرة أصبحت غير قادرة على فرض سلطتها على الشباب فأصبح الشارع هو المتحكم بهم، ناهيك عن التقنيات المتاحة لا سيما منها شبكة الـ "إنترنت" وهو ما نتج عنه تعطيل كل المسؤوليات التي يجب على الشباب أن يتحملوها نحو أسرهم فساهم إلى حدٍّ كبير في ضيق الأفق على مستقبلهم.
ودعت رئيسة جمعية العيدروس إلى إيجاد حلول حقيقية وجذرية لإيقاف هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا وخاصة بعد تزايد عدد الانتحار بين أوساط الشباب وتجريم كل من له سبب في انتشار المخدرات، وفرض عقوبة الإعدام على من يتاجر بحياة الشباب.
وتابعت سمية القارمي أنه لا بد من وقفة مجتمعية أمام هول الجرائم والتي ارتفعت نسبة معدلاتها، لتلامس التسع جرائم في اليوم الواحد وفق آخر رقم من معدل الانتهاكات التي تم رصدها.
أضف إلى ذلك فرض رقابة على الصيدليات والمروجين ومعاقبتهم بلا هوادة.
وبالنسبة لجرائم التحرش ومرتكبيها من متعاطي الحبوب المخدرة أكدت رئيسة جمعية العيدروس النسوية أن معدلات التحرش والاغتصابات باتت ظاهرة مخيفة تهدد الأسر، إذا لم يكن هناك موقف حقيقي من المختصين، مضيفةً أنه أصبحت الحاجة ماسة لافتتاح مركزًا يعالج الإدمان، مع العلم أنه تم تأسيس مركز في قسم شرطة كريتر، ولكنه توقف، ومن المفترض أن توجد به أقسام معالجة الإدمان، وقسم للعلاج النفسي، وغيره من التخصصات فشبابنا هم عماد المستقبل فلا يجب تركهم عرضةً للخطر والهلاك.