أحمد علي صالح وما يمثل غريب عليه مصطلح الوطن، لأنه لم ينتزع ما آل إليه من موقع في ظل حكم أبيه بكفاءته ولا علمه وهو الذي ابتعثه أبوه إلى أمريكا للدراسة وفشل ثم أرسله إلى كلية سانت هيرست العسكرية في بريطانيا وأيضًا فشل في الدراسة وأخيرًا أعطيت له شهادة عسكرية من الأردن.
إن تحركات أيتام علي صالح لتجميل صورة ابنه في حقيقة الأمر ليست إلا مسعى إلى تقييد أي بقايا قوى يمنية يمكن أن تواجه الحوثي بمشروع وطني، ودعمًا مباشرًا لتلك المليشيات وإخراجها من مأزقها وأزماتها الداخلية وإبقائها في صنعاء لكي يستمر استثمار الأزمة لأطول فترة ممكنة، أما عودته للحكم فستبقى سرابًا يحسبونه ماء.
مثل هذا، الوطن بالنسبة لهم ليست أكثر من إقطاعية يكون فيها أي من الأسرة زعيمًا بعدما حوّل أبوه النظام السياسي إلى حكم عائلي تخضع لهم الناس وتطلب رضاهم رؤوس قومهم بعدما وضع تحت تصرف أبنائه وأبناء إخوته وأقاربه ثروات وخزائن البلاد.
اليوم بعد تغيير موازين القوى وظهور قوى أخرى على الساحة، وبعد مرور أكثر من عقد من الزمن على سقوط نظام عفاش يطل علينا اليوم الابن أحمد علي مرتديًا لباس السياسي المعارض الذي لا يشق له غبار لمليشيات الحوثة في صنعاء كما يشيع أشيائه، مطالبًا بإسقاطهم واستعادة حكم أبيه، لينعم الشعب اليمني على حد زعم بقايا المؤتمر بالعيش الرغيد في ظل نظام عفاشي جديد وبواجهة أخرى بعدما سلمها أبوه للحوثة ثم قتلوه جهارًا نهارًا وانتهجوا سياسة قمعية ضد أي معارضة لهم أو انتقاد أو تظاهرة سلمية حتى وإن كانت مطلبية تبدأ بالاعتقالات، وتمر بالتعذيب حتى الموت، وتنتهي بالإعدامات بطرق بشعة لم يشهدها العالم من قبل.
من هنا لم يأتِ تحرك أيتام علي صالح مستغلين وجودهم في مفاصل الشرعية مصادفة أو بدوافع وطنية أو نتيجة صحوة ضمير أو للاعتذار عن جرائم ولي نعمتهم وإنما جاء بدفع من جهات في الشرعية اليمنية بعدما شعرت بقرب سقوطها واستخدامه كورقة ابتزاز أو ورقة ضغط لأكثر من جهة وبالأخص في مواجهة المشروع الجنوبي ومنعه من محاولة استثمار المتغيرات الحاصلة في المنطقة كفرصة للمجلس الانتقالي لتمدد وجوده على كل الجنوب.
بعدما دخل مشروع الحوثة في ملعب أكبر من قدراته عبر ركوبهم موجة الدفاع بالأمس عن غزة، وعن حقوق الشعب الفلسطيني بمناوشات استعراضية هزيلة ضد إسرائيل واليوم يمارس إسنادًا متقطعًا لمليشيات حزب الله، والتي اعتبرتها الولايات المتحدة والغرب، برغم محدوديتها ويتمها وانضباطها خروجًا على النص شبه المكتوب بينها وبين ميليشيات الحوثة، والذي سبق لهم أن حققوا مكتسبات مهمة مقابل الخدمات التي قدموها للأمريكان في إشعال الحروب.