تتزايد الدعوات ويتصاعد الحديث نحو المطالبة بإجراء هيكلة في المجلس الانتقالي وتصحيح أوضاعه، فإبقاء شعار "الجنوب بكل ولكل أبنائه" في السياق الخطابي دون تطبيقه على الواقع سيضع المجلس الانتقالي أمام الفشل، بما معناه تكرار تجربة الحزب الاشتراكي اليمني الشمولي إبان فترة حكمه للجنوب.

يبرهن الواقع أن مشروع استعادة الجنوب لن يتحقق إلا بالحوار الوطني الجنوبي الموسع، هذا ما أكده دولة رئيس الحكومة السابق م. حيدر أبوبكر العطاس في كلمته التي ألقاها أمام مسؤولي المجلس الانتقالي قبل أيام، عندما أشار إلى أن "أمام المجلس مهام ومسؤوليات عظيمة لجعل محافظات الجنوب أنموذجا للدولة والتعاطي الإيجابي مع المعطيات السياسية القائمة حتى الوصول إلى صيغة سياسية توافقية جديدة ترضي الجميع". تلك النصيحة سبقه بها الكثيرون مطالبين من المجلس الانتقالي أن يصحح أوضاعه بإزاحة من هم في المشهد الذين شوهوا نضالات وتطلعات الجنوبيين.

القضية الجنوبية وهي مصير شعب جاءت مترجمة لتعليق رئيس الجالية الجنوبية بالولايات المتحدة الأميركية أحمد الوالي عندما شخص الواقع وأسمع القائد عيدروس الزبيدي نصيحته بقوله: "يجب أن تتم تقوية الجبهة الداخلية وتحصينها من كل التحديات، فلا قضية بدون حاضنة شعبية، ولا حاضنة شعبية بدون شراكة حقيقية واسعة، ولا شراكة بدون عدالة ومساواة، ولن تكون هناك عدالة في ظل مناطقية أو عصبية قبلية، جبهتنا الداخلية ليست في أحسن حال، ونحن مازلنا نأمل على إصلاحها وتوزيع الشراكة بشكل حقيقي وملموس، وليس تمثيلا شكليا للمحافظات وكل المناطق وخصوصا في الجانب العسكري والسياسي، يفترض أن تكون العاصمة عدن نموذجا حقيقيا لهذه الشراكة، وهذا الأمر (بيدكم).. (ولا ينازعكم) عليه أحد، فقط اتخذوا القرار واجعلوا عدن نموذجا حقيقيا للشراكة في الدولة الجنوبية المستقبلية، ولا تتركوها تستمر في واقعها الحالي الذي يغلب عليه طابع عسكري وأمني لا يمثل كل الجنوب، كما ركز الوالي في نصيحته ألا تؤدي المناصب والمصالح الشخصية إلى الاحتكار في العمل التجاري لقلة قليلة وضياع مشروع وحدة الجنوب الذي أقره الجميع في الميثاق الوطني الجنوبي.

الوضع الحالي في الجنوب يستدعي التصرف بمسؤولية وحكمة أكبر من قبل الجميع، ولا خيار أمامنا إلا بهيكلة وتصحيح أوضاع المجلس الانتقالي وتوسيع شراكته مع كل القوى الوطنية دون إقصاء أحد.