هناك مثل يافعي شائع يقول (إن نعه مرقة، وإن حجره مرقة) ويعني هذا إن سمعت صوت (الناعية) فإن هناك ميت وهذا يعني وليمة، وإن سمعت صوت (المهلهلة) فهذا يعني أن هناك عرس، أي وليمة، وفي الحالتين هناك (مرق).
هذا المثل يذكرنا بالتكتلات والكيانات (الموسمية) التي يتم جلبها في رحلات سياحية قصيرة ليجتمعوا في واقع لا يعرفون عنه شيء ولا يطيقون العيش فيه، فما يهمهم أن هناك من سيدفع مخصصات مالية وربما موازنات معتمدة، ثم يعودون إلى منافيهم الاختيارية وفنادقهم الفاخرة بعد إثبات حضور بصور استعراضية لا يتجاوز تأثيرها أبواب قاعة اجتماعهم.
ما يميز تكتل كورال ليمتد أنه (ليمتد) فتأثير أفراده محدود، وهو لم يستطع حتى إخراج فعالية شعبية واحدة في مناطق سيطرة الحوثي، أما في المناطق المحررة فهو رديف باهت لشرعية عاجزة عن إحداث أي تغيير في أي شيء (بالمطلق) فالكهرباء تعمل بنظام (التذكير) تذكرنا أن عندنا كهرباء حتى لا ننسى، والماء بنظام (الوراد) الذي كان يجوب شوارع بعض الأحياء يوزع المياه في زمن بعيد. والأجور لا تكفي لأبسط ضروريات الحياة، أما وسائل العصر والكماليات فقد سقطت من أذهان الناس.
تكتل كورال كانوا (شيك) في أزيائهم مقارنة بباقي المكونات (السفري) التي عاصرناها طوال سنوات الحراك الجنوبي وما تلاها، فحتى ملابس دولة رئيس الوزراء وسعادة الضيف الأمريكي بدت متواضعة مقارنة بملابس المتكتلين الضيوف، ولا كأنهم ينتمون لبلد تطحنها الحرب على مدى عشر سنوات ويعاني أهلها من المجاعة وضنك العيش، بل مستوردون، وتنم عن ذلك مقتنياتهم الفاخرة ووجوههم اللامعة التي لم يلفحها الحر ولم تمسها المجاعة، بخلاف الوجوه (البلدي) التي عهدناها من أولئك الذين يفطرون بساندويتش جبن.
لا أحد ينكر على تكتلات (المآتم والأعراس) أن يتكسبوا، فهذا أمر يخص من يمولهم، ولا نرفض حق أي أحد في أن يحمل رايًّا آخر، وأن يشتغل مع أي أحد أو يشارك أي أحد، لكن عندما يتعلق الأمر بمصير الجنوب ووحدة الجنوب وتطلعات وتضحيات أبناء الجنوب فهذا ليس رأيًّا ولكنه تحدٍ لإرادة شعب.
سيرفض أبناء الجنوب، وبقوة، كما رفضوا بالأمس، وسيتصدون كما تصدوا لغزوات الجنوب وستقف الإرادة الشعبية الجنوبية في وجه من يتحداها، فدماء الشهداء والجرحى ليست للبيع، ولن يقبل أبناء الجنوب العربي أن تذهب دماء شهدائهم وجرحاهم هدرًا أو أن تختزل قضيتهم في مفردات بيانات هزيلة تم رفض أكبر وأهم منها وسالت بعدها أنهار من الدماء.